خاص موقع mtv
في دولةٍ تتقاذفها الأزمات، يبقى القضاء الركيزة الأساسية لاستعادة هيبة المؤسسات، فهو العمود الفقري لأي نهضةٍ قانونيةٍ أو اقتصادية. واليوم، يقف القاضي داني الزعني في مواجهة معركة عنوانها الأبرز: تطبيق القانون في وجه التعطيل والضغوط السياسية.
بدأت القصة مع حملة تنظيف المرافئ اللبنانية التي أطلقها وزير الأشغال السابق علي حمية، مدعومة بتحرك النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم لمنع هدر المال العام. وفي هذا الإطار، وجّهت وزارة الأشغال كتاباً رسميًّا إلى القاضي الزعني، بصفته رئيس دائرة التنفيذ في لبنان الشمالي، لإجراء مزاد علني لبيع الحطام البحري المتراكم منذ سنوات في مرفأ طرابلس، وفقًا للقوانين النافذة التي تمنح القضاء سلطة تنفيذ مثل هذه الإجراءات.
وبعد الكشف الميداني، تبيّن أن المرفأ يعمل بربع قدرته الاستيعابية بسبب بواخر غارقة وبضائع متروكة تحتل 73% من مساحته، مما يحدّ من حركة السفن التجارية ويؤدي إلى خسائر ضخمة للخزينة العامة. بناء على ذلك، بادر القاضي الزعني إلى إطلاق عمليات البيع بالمزاد العلني لتحرير المرفأ وضمان استيفاء الدولة حقوقها المالية، واضعًا الأموال في تصرّف وزارة المالية والمحاكم المختصة لضمان الحفاظ على قيمة الحقوق لأصحابها.
لكن ما أن بدأ بتنفيذ القانون حتى انطلقت حملات التشكيك والتخوين، مدفوعةً من جهات سياسية وأصحاب مصالح متضرّرين، حاولوا تعطيل المزادات عبر إثارة النزاعات القضائية، واستغلال نفوذهم داخل بعض الأجهزة الأمنية لثني القاضي عن المضي قدمًا. ورغم الضغوط، كان ردّه واضحًا: "أنا لا أفعل أكثر من تطبيق القانون وأداء واجبي القضائي تجاه الشعب اللبناني".
الأزمة لم تقف عند هذا الحد، فقد واجه الزعني عراقيل متعمدة من بعض موظفي الجمارك الذين رفضوا تنفيذ قراراته القضائية بتسليم البضائع والخردة المباعة، رغم أن القانون يُلزمهم بذلك. أما مدير عام الجمارك، الذي لم يتحرك لطرح هذه البضائع بالمزاد العلني طوال سنوات، فحاول الالتفاف على الأمر عبر الإعلان عن مزادات جديدة لما سبق أن تم بيعه، متجاهلًا القرارات القضائية. إزاء هذا التمادي، أصدر القاضي الزعني أوامر قضائية صريحة بملاحقة كل من يعرقل تنفيذ القانون، تحت طائلة الملاحقة الجزائية والتوقيف.
اليوم، يتعرّض القاضي الزعني لضغوط سياسية متزايدة، وسط تهديدات مبطنة تمسّ مستقبله القضائي، خصوصًا مع اقتراب التشكيلات القضائية.
ويبقى السؤال، هل يُمكن للقضاء أن يستعيد دوره في حماية المال العام؟ وهل ينتصر القانون على المحسوبيات؟
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك