كتب منير الربيع في "الجريدة" الكويتية:
موقفان يتجاذبان على الساحة اللبنانية، موقف لبنان الرسمي الذي يطالب بوقف إطلاق النار ويتعاطى بأولوية وقف الحرب وفصل جبهة لبنان عن قطاع غزّة، وموقف حزب الله الذي أعاد التأكيد على ترابط الجبهات على قاعدة مواجهة الأطماع الإسرائيلية، وأنه في حال لم تتم مساندة غزة فإن إسرائيل كانت ستعمل على تحقيق أهدافها التوسعية التي تشمل لبنان. وفيما اختلفت التحليلات بين من تحدث عن تباين بين حزب الله والحكومة، وبين من اعتبر أن هناك تقاسماً للأدوار لتحسين الموقف التفاوضي اللبناني، أكد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، في خطابه الثالث، أمس، منذ اغتيال الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله في 27 أيلول الماضي، الانتقال من إسناد غزة الى مرحلة جديدة هي مواجهة الحرب الإسرائيلية على لبنان، وفرض معادلة «إيلام إسرائيل وستصل الصواريخ إلى حيفا وإلى ما بعد حيفا»، مضيفاً أن «مهمة المقاومة أن تلاحق الجيش الإسرائيلي وتقوم بعمليات ضده في أي مكان يتقدم إليه»، ومشدداً على أنه «بما أن العدوّ استهدف كل لبنان فلنا الحق ومن موقع دفاعي أن نستهدف أي نقطة في كيان العدو».
هذا الكلام يأتي في سياق الردّ على ما قاله رئيس الحكومة نجيب ميقاتي حول الحصول على ضمانات أميركية «بتخفيف التصعيد» في بيروت والضاحية، إلا أن كلام قاسم بضرب كل الجغرافيا الإسرائيلية لا يشير إلى الموافقة على هذه المعادلة، خصوصاً أن الحزب يعتبر أن الضاحية قد ضربت مسبقاً وتم تهجير أهلها، وبالتالي هو ملزم بتنفيذ ردود موازية لهذه الضربات. ذهب قاسم أبعد من ذلك في إعادة ربط الجبهات مع غزة، وقال إنه لا يمكن فصل لبنان عن فلسطين، وهذا له تفسيرات كثيرة آخرها ما يعتبره البعض بأنه توقع من حزب الله لاقتراب الضربة الإسرائيلية على إيران، ما يعني دخول الحزب في تصعيد عسكري لمساندة إيران كما ساند غزة، وإشارة جديدة على إعادة تفعيل كل الجبهات في حال تطورت المواجهة بين إيران وإسرائيل إلى ضربات متبادلة.
هنا تشير مصادر متابعة إلى أن إيران دخلت مباشرة على تنسيق وقيادة العمليات العسكرية التي يخوضها الحزب، وهذا التصعيد التدريجي في الصواريخ والمسيرات هو بقرار إيران لإيصال رسالة مباشرة للإسرائيليين بأنه في حال ضرب إيران، فإن الجبهات ستتصاعد ضد إسرائيل، وقد يلجأ الحزب إلى استخدام صواريخ بالستية أكثر تطوراً ومسيّرات لم يستخدمها من قبل. وتضيف المصادر حول إمكانية أن تكون إيران هي التي زوّدت الحزب بمعلومات دقيقة حول موقع قاعدة «بنيامينا»، ومواقيت الطعام لدى الجنود بالاستناد إلى أقمار صناعية إيرانية، وهو ما ساعد الحزب على توجيه ضربة دقيقة حقق فيها هذه الإصابات المباشرة في لحظة تناول الجنود من لواء غولاني للطعام. يأتي هذا التصعيد في وقت يسعى لبنان بكل جهوده السياسية والدبلوماسية إلى التطلّع بكل المسؤوليات في سبيل وقف الحرب الإسرائيلية التي يتعرّض لها.
ينشط لبنان الرسمي بتنسيق مباشر بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، بالتواصل مع كل الدول المعنية للوصول إلى وقف لإطلاق النار. وكشف ميقاتي أمس، عن اتصالات وتحضيرات في مجلس الأمن لاتخاذ قرار بوقف إطلاق النار. وأعلن صراحة أن الحكومة اللبنانية اتخذت قراراً بالتقدم بطلب لمجلس الأمن الدولي لإصدار قرار يقضي بوقف فوري لإطلاق النار. لا يمكن للحكومة أن تتخذ مثل هذا القرار إلا لأنه يشمل حزب الله أيضاً، وهو ما قاله الشيخ نعيم قاسم أيضاً باعتباره المطلب الأساسي قبل أي نقاش آخر.
وأكد ميقاتي أمس، في مقابلة مع وكالة أجنبية استعداد السلطات لتعزيز عديد الجيش في جنوب لبنان، إذا تمّ التوصل الى وقف لإطلاق نار بين حزب الله وإسرائيل التي قال، إن قواتها تقوم بعمليات «كرّ وفرّ» داخل الأراضي اللبنانية. ميقاتي: حصلنا على ضمانات أميركية لتخفيف التصعيد في بيروت والضاحية وأوضح ميقاتي: «لدينا حاليا 4500 جندي في جنوب لبنان، ويُفترض أن نزيد بين سبعة آلاف إلى 11 ألفاً»، مبيناً أنه في حال التوصل الى وقف لإطلاق النار، يمكن «نقل جنود من مناطق غير ساخنة» الى جنوب البلاد.
ورداً على سؤال عما إذا كنت القوات الإسرائيلية باتت موجودة داخل لبنان، بعدما أعلنت بدء عمليات توغل بري منذ نهاية الشهر الماضي، أجاب «معلوماتنا أن عمليات كر وفر تحصل، يدخلون ويخرجون».
وفي مقابلة مع قناة «الجزيرة»، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال إنّه «في اتصالاتنا مع الجهات الأميركية الاسبوع الفائت، أخدنا نوعاً من الضمانة لتخفيف التصعيد في الضاحية الجنوبية وبيروت». وعمّا يقال عن طلب إسرائيلي بحزام أمني على بعد 5 كيلومترات من الحدود قال: «لم يصلنا أي شيء، علماً بأنّ قوات اليونيفيل تتعرّض يوميّاً للاعتداءات الإسرائيلية، ومجرد احتلال أي شبر من ارضنا مرفوض ونحن لا نقبل بذلك».
ورفض ميقاتي ربط القرار 1701 بقرارات أخرى مثل القرار 1559، الذي يدعو إلى نزع سلاح كل الميليشيات بما فيها حزب الله، قائلا «إنه لا لزوم للحديث عن القرار 1559، لأنه سيتسبب في خلافات إضافية»، لكنه أضاف: «علينا الاتفاق على استكمال تنفيذ وثيقة الوفاق الوطني، أي بسط سيادة الدولة على أراضيها، وعدم وجود سلاح غير سلاح الشرعية اللبنانية، لأنّ هذا القرار يغنينا عن الجدال حول القرار 1559. واجبنا أن نفرض سيادة الدولة من خلال بسط سيادتها على كل أراضيها».
إلى ذلك، أعلنت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني، أمس، أنها ستزور لبنان، حيث تشارك كتيبة إيطالية في قوة الامم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) التي تعرضت لنيران إسرائيلية في الأيام الماضية. وقالت أمام مجلس الشيوخ الإيطالي «من المقرر أن أزور لبنان» من دون تحديد موعد لهذه الزيارة. وأضافت أن وزير الخارجية الإيطالي، أنطونيو تاياني، سيزور إسرائيل والأراضي الفلسطينية الأسبوع المقبل.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك