يضج عالم كرة القدم منذ يوم الأحد الماضي بخبر إعلان إنشاء بطولة "السوبر ليغ" التي تضم 12 نادياً اوروبياً من ثلاث دول مختلفة، على أن ينضم إليهم ثلاثة أندية أخرى في وقت لاحق، وما رافقها من ردود فعل سياسية على مستوى حكومات الدول، إضافة الى رفض الاتحادين الأوروبي والدولي للعبة لهذه البطولة.
"السوبر ليغ" فكرة ليست جديدة على الإطلاق، حيث طرحها رئيس ريال مدريد الحالي فلورنتينو بيريز عام 2009 مع عودته على رأس النادي الإسباني، ولكن لم تتبلور حتى الأيام الماضية، وساعده على تسويق فكرته وباء كورونا الذي اجتاح العالم، وكانت كرة القدم الخاسر الأكبر منه مع توقف المباريات أولاً ثم ابتعاد الجماهير عن الملاعب ثانياً.
الهدف الأساس وبشكل مختصر من هذه البطولة هو مالي اقتصادي بحت، بحيث تضم أبرز 12 نادياً أوروبيّاً على رأسهم ريال مدريد وبرشلونة ومانشستر يونايتد وليفربول ويوفنتوس وميلان، ما يعني أن أي مباراة ستجمع هؤلاء الفرق ستحصل على نسبة متابعة "اسطورية" حول العالم على عكس مباراة بين ريال مدريد وفريق متوسط في اسبانيا مثلاً، ما يعني جني أرباح طائلة من البث التلفزيوني والاعلانات وبيع القمصان وغيرها.
السبب الثاني هو شعور الأندية بالغبن من تعامل الاتحاد الأوروبي للعبة معها وحصول الأخير على النسبة الأكبر من الأرباح (70٪ مقابل 30٪ للأندية كافة)، ما دفعها للتفكير جداً بالانتفاضة كونها أكثر الأندية انفاقاً.
رفض البطولة كان متوقعاً خصوصاً وأنها ستؤدي الى نهاية البطولة الأحب على قلوب عشاق كرة القدم "دوري ابطال أوروبا"، ولكن ردة الفعل السياسية من قبل الحكومة الاسبانية والانكليزية والضغط الذي مارسته الأخيرة على الأندية الإنجليزية كان مفاجأ للغاية، الأمر الذي دفع الأندية الإنكليزية الى تعليق مشاركتها في البطولة، وذهب البعض منها للاعتذار عن "الخطأ" الذي ارتكبه خصوصاً بعد اعتراض جماهيرها على قراراتها.
وبعد هذه الحركة "الهستيرية" رفضاً للـ"سوبر ليغ"، تم تعليق البطولة موقتاً وليس الغاءها، وذلك لمزيد من البحث والتشاور، وهذا ما يؤكد أن المشروع لم ينته بعد، لا بل سيدفع الى التفكير جدياً بتغير طريقة التعامل مع الأندية وتطوير اللعبة وقوانينها.
وبالرغم من أن الاتحاد الأوروبي أعلن في الوقت نفسه تغيير قوانينه فيما يخص بطولة دوري الابطال مع زيادة عدد الأندية وتغيير نظام التأهل الى الأدوار الاقصائية، لا شك أن ما قبل يوم الاحد الماضي لن يكون كما بعده.
حتى الان، لا خاسر ولا رابح فعلي مما حصل حتى لو تم اعلان تعليق البطولة موقتا، لأن ما قامت به الأندية يؤكد أنها سيدة نفسها وأنها قادرة على رفع الصوت وربما فرض ما تريد لاحقاً، وقد يكون موضوع طرح البطولة بهذا الشكل مدروس لكي تصل الأندية الى ما تريد.
الثابت في الأمر أن الاتحاد الأوروبي فشل في اتخاذ أي قرار جريء بعد ساعات على اعلان البطولة، وكل ما حصل هو تصريحات لرئيسه في "لحظة غضب"، فلم يتم تغريم أي نادٍ ولا طرده من دوري الابطال مثلاً، وكل ما حصل تمّ فقط تحت الضغط السياسي للحكومة الإنكليزية.
معركة الأندية لم تنته، فهم يدرون فعلاً ماذا فعلوا وماذا سيفعلون لاحقاً، انطلاقاً من ثابتة واحدة ان الأندية هي أساس اللعبة وهي من تحرّكها وهي من ستفرض شروطها... حتى ولو بعد حين!
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك