عندما حاولت كيم يي-جي ممارسة رياضة الرماية للمرة الأولى في سن الثانية عشرة، لم تكن قادرة على حمل المسدس حتى. لكنّها باتت اليوم الرامية الأولمبية الأكثر شهرة، بفضل أعصابها الفولاذية وأيضاً إيلون ماسك.
أحرزت كيم (32 عاماً) الميدالية الفضية في مسابقة مسدس الهواء المضغوط 10 أمتار للسيدات في دورة الألعاب الأولمبية التي أقيمت في باريس الصيف الماضي، وأثارت انتباه مستخدمي الإنترنت لبرودتها الاستثنائية. لكنها قالت إنها "دخلت مجال هذه الرياضة بالصدفة".
عندما طلب أستاذها في المدرسة الإعدادية متطوعين لمحاولة ممارسة الرماية، لم ترفع كيم يدها ولكنها اختيرت في نهاية المطاف. وعلى الرغم من صغر حجمها لدرجة أنها لم تتمكن من حمل المسدس، إلا أنها تحولت إلى مدمنة على هذه الرياضة.
قالت كيم، التي ارتدت بدلة سوداء كبيرة الحجم وحذاء بكعب عالٍ بعد جلسة تصوير إعلانية، في ميدان الرماية في سيؤول "أعتقدت أن الأمر يبدو رائعاً".
وضخّت زيارتها للمكان الحماسة بين الرماة الكوريين الشباب الآخرين عند خط التصويب.
اعترض والداها بشدة على ممارستها رياضة الرماية، ولكن "لم أتناول أي طعام لمدة ثلاثة أيام، وكنت أبكي وأتوسل للسماح لي بذلك"، وفقاً لما كشفته كيم. وفي النهاية، رضخت عائلتها للأمر الواقع.
وقالت "لم يكن لدي هدف واضح في ما يتعلق بدراستي. ولكن مع الرماية... كنت أعلم أنه يجب أن أكون الأفضل".
كرست حياتها للرماية مذاك الحين. وفي باريس، قالت إنها كان لديها "هدف واحد - الفوز بميدالية".
لم تكن تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي في حينها، إذ تعتبرها "سامة" ومصدر تشتيت عن التدريب، لذلك لم تكن على علم في البداية عندما بدأت مقاطع فيديو وهي تمارس الرماية تنتشر على نطاق واسع.
في جلسة تصوير مع الفائزين الآخرين بالميداليات في باريس، حيث أخبرها الصحافيون أن لديها "الكثير من المشجعين البرازيليين" وطلبوا منها توجيه التحية لهم باللغة البرتغالية، بدأت تدرك أن شيئاً ما قد حدث.
وقالت "لم أكن أعتبر نفسي مميزة، وما زلت كذلك. هناك العديد من الفائزين بالميداليات الآخرين الذين لديهم الكثير من المعجبين، وأنا أرى نفسي واحدة منهم".
مقطع الفيديو ذاك الذي أطلقها إلى النجومية من الباب الواسع، ظهرت فيه بزيّ أسود كامل وقبعة بيسبول ونظارات الرماية ذات الإطار السلكي وهي تسدّد نحو الهدف. بعد تحطيمها الرقم القياسي العالمي، لم تبادر إلى أي ردّ فعل، مكتفية بالنظر إلى نتيجتها بهدوء بينما يصفق لها الجمهور.
وأثار المقطع، الذي تم التقاطه في الواقع من كأس العالم في باكو في أيار 2024، موجة من الانتشار الواسع على الإنترنت، حيث أشاد روّاد الإنترنت بطاقتها الاستثنائية، فيما دعا الملياردير الأميركي إيلون ماسك إلى اختيارها لفيلم أكشن "لا يتطلب تمثيلاً".
وانتشرت مقاطع فيديو لأدائها الأولمبي بسرعة كبيرة، لكن الهدوء الخارق للطبيعة الذي جذب انتباه رواد الإنترنت هو ببساطة طريقتها في التصويب، على حد قولها.
وقالت "لم أكن جيدة في التركيز في البداية"، لكن نصحها الأطباء بأن تبقي نظرتها مركزة للغاية على خط إطلاق النار.
ووجدت أن ذلك "ساعدني على التركيز وتهدئة أعصابي".
كما قالت إنها "شخصية مضطربة بطبعها"، ولكن عندما تطلق النار "لا تعد ذراعي كذراع لي، بل تصبح جزءاً من السلاح".
وتابعت "عند حمل السلاح، يجب أن يكون كل شيء ثابتا في مكانه تماماً. لا ينبغي أن يتحرك أي شيء: المعصم، أو اليد، أو أي جزء آخر. أعتقد أن كل هذا جزء من السلاح".
وعندما عادت كيم إلى كوريا الجنوبية بعد الألعاب الأولمبية، انهالت عليها طلبات إجراء المقابلات، ودُعيت للعمل كعارضة أزياء لعلامات تجارية مثل لوي فيتون، وحتى ظهرت في فيلم قصير، كقاتلة محترفة، مع الممثلة الهندية أنوشكا سين.
وقالت إنها "ممتنة وسعيدة" بهذا الاهتمام، خصوصاً أنه عزز الاهتمام بالرياضة التي تحبها، وأن عائلتها ساعدتها على البقاء متواضعة.
وتروي ضاحكة "قال لي والدي: أعتقد أن الناس يبالغون بعض الشيء فيما انك فزت فقط بالميدالية الفضية"، مضيفة أن ابنتها البالغة من العمر ست سنوات تحب أيضا أن تشير بوقاحة إلى أن والدتها "لم تفز بالميدالية الذهبية".
وتشدّد كيم على أنها لا ترى أي تعارض بين حياتها كرامية محترفة وحياتها كشخصية مشهورة. فهي لا تزال تتدرب خمسة أيام في الأسبوع، وتلتقط الصور وتجري المقابلات في وقت فراغها.
تضع الكورية الجنوبية حالياً كل تركيزها على الفوز بالميدالية الذهبية في أولمبياد لوس انجلوس 2028، وترى أنّها لا تزال في ذروة مسيرتها الرياضية.
وقالت "فيما يتعلق بالرماية، فإن الأمر لا يتعلق بالعمر بقدر ما يتعلق بالمهارة الفردية"، بالإضافة إلى التحضير والجهد.
وتابعت "هذا العام والعام الماضي كانا أفضل مواسمي، وإذا واصلت العمل الجاد، أعتقد أنني سأستمر في الأداء الجيد"، مضيفة أنها تأمل في المنافسة حتى تبلغ الخمسين من عمرها.
وقالت إنه منذ انتشار مقاطع الفيديو "أصبح الناس يشيرون إليّ، بالرامية كيم يي-جي، وليس فقط كيم يي-جي، أريد أن أواصل عملي حتى تبقى كلمة -الرامية- في الأذهان دائماً".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك