الهب الرئيس الاميركي دونالد ترامب باعترافه "الفاقع" بالقدس عاصمة لاسرائيل واعلانه نقل السفارة الاميركية اليها المجتمعين العربي والغربي اللذين انتفضا ضد الاعلان غير المسبوق في التاريخ الاميركي، اذ ان الرؤساء المتعاقبين على البيت الابيض منذ العام 1995 تاريخ اصدار الكونغرس تشريعا يقضي بنقل السفارة الى القدس، عمدوا الى ارجاء القرار تباعا كل ستة اشهر، تجنباً لتداعيات الخطوة الدراماتيكية على عملية السلام ومضاعفاتها على مستوى العالم العربي عموما والاسلامي الخليجي، خصوصا الذي فتح معه ترامب تحديداً قنوات تواصل ترجمتها قمة الرياض الشهيرة في الصيف الماضي مع ما حملته من "تعويل" عربي على ان تجد سبيلاً لمعالجة ازمات المنطقة "المُزمنة" وعلى رأسها القضية الفلسطينية من خلال دعم حل عادل وشامل لها.
واستدعى القرار الاميركي قبل اعلانه وخلال خطاب ترامب وبعده موجة ردود فعل منددة تبلغ ذروتها غداً مع دعوة الفصائل الفلسطينية الى "يوم غضب" رفضاً لقرار ينسف على حدّ اعتبارهم جهود السلام ويقوّض مسار المفاوضات.
اما لبنان الذي "له في كل عرس قرص"، لن "ينأى بنفسه" عن القرار الاميركي. فبعد إجماع القوى السياسية كافة على اختلاف انتمائاتها على التنديد بما حصل وستُترجم ذلك بقرار رسمي موحّد سيصدر غداً عن مجلس النواب الذي دعا رئيسه نبيه بري الى عقد جلسة مخصصة للقدس، لن يكون نصيبه من القرار الاميركي قليلاً، ذلك انه يحتضن على اراضيه مئات الاف الفلسطينيين بدأوا بتنظيم تحرّكات داخل المخيمات.
وفي السياق، ابدت مصادر سياسية عبر "المركزية" "تخوّفها من ان يُشعل القرار الاميركي فتيل الاحتجاجات داخل المخيمات الفلسطينية فتُشعل الفصائل "انتفاضة" جديدة لن تبقى حدودها داخل المخيمات بل قد تصل ذروتها الى المناطق الحدودية المُتاخمة للعدو في إستعادة لمشهد "الفدائيين" الذين كانوا يشنّون عمليات ضد العدو الاسرائيلي من الاراضي اللبنانية"، ولم تستبعد "ان تعمد بعض الجهات (المنظمات الارهابية) التي تتحيّن الفرص لتعكير صفو الامن اللبناني الى الافادة من "الغضب الفلسطيني" لاستخدامه في نشر الفوضى والخراب".
وطمأنت المصادر في الوقت نفسه الى "ان وضع لبنان مضبوط على ساعة "التوافق" الدولي والاقليمي على عدم المسّ بامنه واستقراره وإبقائه بعيداً من تداعيات اي ازمة خارجية، ما يعني ان التحرّكات الفلسطينية الاحتجاجية على ارضه لن تتجاوز الخطوط الحمراء"، الا انها تساءلت "عن تأثير سيّد البيت الابيض على ملف ضاغط على لبنان، امنياً وسياسياً واجتماعياً وديموغرافياً ومُزمن، هو التوطين. فهل ستكون للقرار الاميركي تداعيات على هذا الملف فيُقفل باب العودة نهائياً الى "الوطن الام" امام مئات الاف اللاجئين ما دامت القدس عاصمة اسرائيل؟
وبانتظار ما ستحمله الايام المقبلة من مواقف وقرارات متّصلة بالاعلان الاميركي، اعتبرت المصادر "ان قرار ترامب لن يجد سبيلاً الى التطبيق الفعلي انطلاقاً من نقاط عدة وردت في خطابه امس: اولاً قوله "ان اميركا لا تزال ملتزمة بقوة في تسهيل اتفاق سلام مقبول للاسرائيليين والفلسطينيين" ما يعني ان الولايات المتحدة مصرّة على ايجاد حل للصراع، و"مصممة على المساعدة في تسهيل التوصل إلى اتفاق سلام مقبول من الطرفين، وفي حال اتفقا على هذه المسألة فإن الولايات المتحدة ستدعم "حلا بدولتين"، على حدّ قوله".
وليس ادل من "ان القرار الاميركي ليس نهائياً ويفتح الباب على تكثيف المشاورات والمفاوضات، في اعلانه تأجيل قرار نقل السفارة الاميركية الى القدس ستة اشهر".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك