يسافر ترامب في جولةٍ خارجية مدتها 9 أيامٍ وتشمل 5 مدن، وذلك في أولى رحلاته خارج الولايات المتحدة منذ توليه منصب رئيس البلاد.
وتتيح السياسة الخارجية للرؤساء دائماً فرصة التبختر على الساحة الدولية والاستفادة من استقلالهم بشأن قضايا الأمن القومي، حسب تقرير لـ"سي إن إن".
كما أن ترامب يحاول التملص من مشاكله الداخلية من خلال الغرق في العالم القاسي الذي لا يرحم والذي تواجهه أميركا في الخارج.
وهذه الجولة الخارجية قد توفر وسيلة للنأي -على الأقل موقتاً- عن الوحل السياسي، من خلال اجتماع ترامب مع حلفاء أميركا والتحدث بحزم عن مسائل الحرب والسلام.
ورغم ذلك، فإن ترامب لا يرغب لأسباب شخصية في إجراء هذه الجولة، وفق صحيفة نيويورك تايمز الأميركية.
ففي الأيام الأخيرة، شكا ترامب للعديد من أصدقائه من أنَّه لا يريد ترك البيت الأبيض لإجراء لقاءاتٍ رفيعة المستوى وتعج بالضغوطات العالية مع عشرات القادة من دول العالم في ظروفٍ غير مألوفة بالنسبة له.
وفي إحدى المرات، صاح ترامب في أحد مساعديه قائلاً إنَّه يعتقد أن مدة رحلته الخارجية الأولى ينبغي أن تُخفَّض إلى النصف، إذ سيضطر إلى ترك الظروف المُفضَّلة لديه عند النوم في فراشه الخاص (أو في أحد الفنادق أو منتجعات الغولف التي يمتلكها)، وهو يتنقل بين المملكة العربية السعودية، وإسرائيل، وبلجيكا، وإيطاليا، والفاتيكان، وكل هذه الأماكن ليس بها ما يحمل العلامة التجارية الخاصة بممتلكات ترامب.
ولكن هذه الرحلة الخارجية تأتي في وقتٍ حرج بالنسبة لرئاسة ترامب التي لا تزال تتحسس خطواتها. وهي فرصته الأولى لتوضيح وجهة نظره عن العالم والمُتمثِّلة في شعار "أميركا أولاً" أمام جمهورٍ عالمي شاهد أشهُرَه الأولى الفوضوية في البيت الأبيض بمزيجٍ من التسلية والارتباك والذُعر.
ويمتلئ جدول أعمال الرئيس ترامب المزدحم، بالعديد من المواقف التي تُعرِّضه لارتكاب الأخطاء، سراً وعلانيةً، وضمن ذلك المناقشات المباشرة مع قادة الدول الأخرى، إذ يُعد كثيرٌ منهم مفاوضين مخضرمين وعلى درايةٍ جيدة بالقضايا التي يهتمون بها اهتماماً عميقاً.
وقال ترامب في كلمته التي ألقاها في حفل تخرَّجِ دفعةٍ جديدة من أكاديمية حرس السواحل الأميركية يوم الأربعاء، 17 أيار الجاري: "سألتقي عشرات القادة"، وتعهَّد بأنَّه سيسعى من خلال جولاته العالمية إلى "توطيد الصداقات القديمة، والبحث عن شراكاتٍ جديدة".
وحتى قبل أن يتوجه إلى ولاية كونيتيكت لإلقاء هذه الكلمة، كان ترامب قابعاً في البيت الأبيض على خلفية الانتقادات التي تعرَّض لها مؤخراً بسبب إقالته مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، جيمس كومي. وقد استمر التخطيط لجولته الخارجية بتعسرٍ، وذلك في ظل رفضه بعض مظاهر البذخ التي عادةً ما تكون سمةً مميِّزة لرحلات الرؤساء الخارجية. ويُذكَر أنَّ ترامب قد طلب ألَّا تستغرق زيارته إلى ياد فاشيم، متحف الهولوكست التذكاري في القدس، وقتاً طويلاً.
وكان غاريد كوشنر، صِهر ترامب وأبرز مستشاريه، قد عقد عدة مؤتمرات صحافية، ومن ضمنها ما جاء عن القادة الأوروبيين، الأسبوع الماضي، في البيت الأبيض. وقد أجرى الرئيس مباحثاتٍ مع وزير الدفاع حول قضايا الشرق الأوسط، وناقش مع وزير خارجيته اللقاءات التي سيجريها في المملكة السعودية العربية. ومن بين القضايا الشائكة في إسرائيل، مسألة نقل السفارة الأميركية إلى القدس، ولكن ترامب قرَّرَ عدم إعلان موقفه حيال هذه المسألة خلال الزيارة.
وستكون للرحلة أيضاً نتيجة مهمة، سواء كان الأمر مقصوداً أم لا، بأنه ربما ستقدم تفسيراً جديداً لعبارة ترامب الشهيرة "أميركا أولاً" والذي قد يفهم من الرحلة بأن أميركا أولاً لا تعني أن أميركا فقط، وأن واشنطن لن تتصرف من جانب واحد دون الحاجة للحلفاء أو الشركاء، حسب سي إن إن.
ونقلت نيويورك تايمز عن جيمس شتاينبرغ، وهو أحد الدبلوماسيين الذين عملوا مع إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، وأجرى العديد من الجولات في جميع أنحاء العالم: "إنَّ جولة ترامب الخارجية الأولى لا ينبغي أن تكون بهذه الصعوبة؛ لأن معظم من سيلتقيهم حلفاءٌ لأميركا، وفي وقتٍ يسوده السلام والازدهار نسبياً."
وأضاف شتاينبرغ: "تُعَد رحلةٌ كهذه رحلةً سهلة، وليس هناك أزماتٌ في ذلك، فهي رحلةٌ لبناء العلاقات. من الصعب ألَّا تُحقق نجاحاً إذا ما لم يحدث شيءٌ خاطئ".
ومع ذلك، أعرب مستشارو ترامب، على وجه الخصوص، عن قلقهم حيال زلّات لسانه، وإمكانية التأثير عليه بالإطراء، واحتمال أن يُعرِّضه القادة الأجانب لمواقف لا يعرف كيفية التعامل معها. وأبدوا قلقهم أيضاً من أن يُعرِّض ترامب الولايات المتحدة، دون قصد، لارتكاب خطأٍ غير متوقَّع، وحاولوا تحذيره، وتنبيهه للتصرفات الصحيحة في سيناريوهاتٍ مختلفة.
"هافينغتون بوست عربي"
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك