كنّا كثراً ليلة السبت على "ترّاس" كازينو لبنان. وكانوا بالآلاف من احتشدوا على مسافة قريبة، حيث تقام ليالي مهرجانات جونية الدوليّة بنسختها السابعة المهجَّرة الى خارج النطاق البلدي. وكان المشهد بديعاً عند العاشرة والنصف، حين تلألأت الأنوار في كبد السماء، والتقط عشرات الآلاف عبر هواتفهم صوراً لما حصل.
نجحت جمعيّة مهرجانات جونية الدوليّة في ختام لياليها لهذا الصيف بتوجيه رسالة الى جميع اللبنانيّين، مقيمين ومغتربين، عن محبّة لبنان عبر تقنيّة جديدة استخدمت للمرّة الأولى في الشرق الأوسط من قبل شركة ICE المشاركة في التنظيم، حيث كُتبت عبارة Love Lebanon بالأسهم الناريّة. ولكن، على الرغم من روعة ما حصل، سارع بعض اللبنانيّين، المفترض بهم أن يشعروا بالفخر وبعضهم ممّن يتغنّى بمشاهد مماثلة في دبي أو غيرها من الدول، الى توجيه الانتقادات عن الكلفة التي كان يمكن أن تستخدم في أمكنة أخرى.
إنّ ما حصل ليلة السبت، وهو محطّة سنويّة للجمعيّة التي يرعاها نعمت افرام، المتعدّد الاهتمامات والنجاحات، من الصناعة الى المؤسّسة المارونيّة للانتشار والشأن العام و، خصوصاً، الخدمة للشباب، يشكّل استثماراً لا يصبّ في مصلحة افرام ومؤسّساته بل في مصلحة لبنان كلّه عبر الترويج السياحي له، وفي مصلحة جونية والمناطق المحيطة بها التي كانت المطاعم ومنازلها المطلّة على الخليج مزدحمة بالناس، ما يعزّز الدورة الاقتصاديّة في هذه المنطقة التي رسب نوّابها في السنوات الأخيرة في امتحان نهضتها.
لم يسرق نعمت افرام مالاً من أحد. لم يمدّ يده على صندوق بلديّ ليبذّر ما فيه على المفرقعات. صرف من ماله الخاص ومن مال الشركات الراعية، من دون أن يقصّر في أيّ مجالٍ آخر يمكن أن يخدم فيه منطقته وأبناءها، وهذه عادة عائليّة بدأها جورج افرام الذي، للتذكير، وضع خطّة للكهرباء قبل سنواتٍ طويلة كانت ستنير لبنان كلّه، كما أنير خليج جونية ليلة السبت. لكنّنا في بلدٍ يفضّل فيه الظالمون الظلام، والدليل ما نحن فيه من تقنين، بعد 26 عاماً على انتهاء الحرب.
خسرت جونية في الأسابيع الأخيرة بعضاً من بريق المهرجان الدولي في نسخته السابعة. النكايات السياسيّة حرمت مطاعم المنطقة والكثير من مؤسّساتها من فوائد المهرجان الذي جاء البديل عنه، في مجمّع فؤاد شهاب، باهتاً بعض الشيء.
ولكن، دعونا من النكايات والسلبيّات. فلنحبّ لبنان، كما يفعل نعمت افرام وكثيرون غيره. فلنحجم عن الهدم والانتقاد العبثيّ. لقد أضاءت جمعيّة مهرجانات جونية الدوليّة البرّ والبحر بالأنوار المتلألئة. فليسعى كلّ منّا لإضاءة شمعة في هذا الليل اللبناني بدل الاستمرار في لعن الظلام.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك