لكأن أبواب الجحيم فُتحت في هذه البقعة من الأرض، وبات له صورة في عيون البشر... إنه الإعصار إيرما الذي وُصف بأنه الاعنف في تاريخ القارة الأميركية، شكل حالة رعب غير مسبوقة، فأتى على كوبا وميامي التي غرقت تحت مياة الامطار حتى بلغ عمقها 60 سنتمترا، وها هو يجتاح الساحل الغربي لولاية فلوريدا تصاحبه رياح بسرعة بلغت أكثر من 200 كيلومتر في الساعة.
حصيلته حتى الساعة، 28 قتيلا على الاقل، ودمار يشكل كارثة كبرى في السيارات والمباني والشركات والبنى التحتية، لدرجة ان الرئيس الأميركي دونالد ترامب وصفه بـ"الوحش الكبير".
إذا، إنه الجحيم بعينه يقضم ما استطاع مرسيا حالة من الرعب، مع فرار الملايين من منازلهم بحثا عن الامان، وسط تخوّف من أن تشتد حدّته في الساعات المقبلة. ولان اللبنانيين منتشرون في مختلف بقاع الارض ولأن المصائب لا بدّ ان تلاحقهم أينما حلّوا، يبدو أن العشرات منهم عالقون بين براثن الموت هناك. نعم، حتى في المقلب الآخر من الكرة الارضية يعيش اللبنانيون صراعا من أجل الحياة! إذ إن اكثر من 50 لبنانيا تمّ إجلاؤهم من عدد من جزر الكاريبي التابعة لبريطانيا، حيث أصبحوا يبيتون في العراء من دون طعام أو شراب بعدما قضى الإعصار على منازلهم وممتلكاتهم، فيما لا يستطيعون التوجه إلى الولايات المتحدة الاميركية او كندا أو أي مكان آخر لعدم حيازتهم تأشيرة دخول.
حتى ان التواصل معهم أمر شبه مستحيل بسبب انقطاع الكهرباء الذي أحدثته العاصفة، وبالتالي غياب شبكات الانترنت، فأصبحوا محاصرين بين الموت والجوع.
ما تقدّم، يستوجب إطلاق إنذار إنساني عاجل لإنقاذ مواطنينا وإبعاد الموت عنهم بشتى الوسائل الممكنة، فالسلطات الاميركية اعلنت حال الطوارئ وها هي تسارع إلى التأكد من سلامة مواطنيها في الولايات والبلدات المنكوبة، وتعمل على تأمين اللوازم الأساسية لهم، كي يصمدوا حتى انتهاء العاصفة... فهل من يتحرّك عندنا في ما يُعتبر واجبا أخلاقيا ووطنيا؟
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك