اذا كان عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب علي عمار نفى أمس وجود أي توتر على خط التيار الوطني الحر - حركة أمل، قائلا "لا يوجد سوى كل الخير بين الرابية وعين التينة والأمور لا تحتاج إلى أي وساطة من حزب الله"، فإن مصادر سياسية مراقبة تعتبر عبر "المركزية" أن الكلام الايجابي هذا انما يعكس "تمنيات" الحزب، لا الواقع، ذلك ان الشرخ بين حليفيه كبير وجوهري الطابَع ويتخطى مسألة قانون الانتخاب التي تُعدّ، في الحقيقة، إحدى نتائج الخلاف الحاصل، منا بدأت مفاعليه مؤخرا تتوسّع لتلامس علاقة التيار والحزب.
فالتيار الوطني، وفق ما تقول أوساطه، يعترض على تصرّف الثنائي الشيعي مع الاطراف السياسية الاخرى وتحديدا المسيحية، بفوقيّة وبمنطق فائض القوة. هذا الواقع يتجلّى بوضوح في اكثر من ملف، تضيف الأوساط. ففي التشكيلات القضائية مثلا، يعترض رئيس مجلس النواب نبيه بري ويعلّقها، لأن عدد القضاة السنة من ضمنها (ثلاثة) يتخطى عدد القضاة الشيعة. أما في جهاز "أمن الدولة"، فيوقف معاونه السياسي وزير المال علي حسن خليل مخصصاته لأشهر، بسبب خلاف بين مديره ونائبه الشيعي. كما لا يتردد وزير الزراعة غازي زعيتر (أمل) في استبدال موظفة مسيحية في وزارته (المديرة العامة للتعاونيات في وزارة الزراعة) بآخر من الطائفة الشيعية، ردا على وقوفها، في وجه قرارات اتخذها.
وتسأل أوساط التيار، ألا تعدّ هذه الممارسات فوقيّة؟ ثم ألا تعكس "الطائفية" بعينها؟ مستغربة كيف يتم اعتبار مطالبتها بحقها في قانون انتخابي يؤمن للمسيحيين تمثيلا عادلا بعد سنوات من الغبن، تعصّبا، فيما تمرّ ممارسات "الحركة" مرور الكرام وتعتبر حلالا".. أوساط التيار تتابع موضحة ان "المعركة التي نخوضها ليست ضد فريق معيّن بل نريد من الجميع ان يرتضوا للمسيحيين ما يرتضونه لأنفسهم. فانتخابيا، هل يَسمح الثنائي الشيعي ان يختار المسيحيون المرشحَ الشيعي في جبيل مثلا، وهل يقبل السنّة ان يختار المسيحيون المرشح السنّي في عكار او في بيروت؟ اذا كان الجواب سلبياً، فعلى شركائنا اذا ان يرضوا أن تكون لنا الكلمة الفصل أو ان نكون شركاء في اختيار المرشحين المسيحيين تجاوبا مع مبدأ "المعاملة بالمثل". أما السير في سياسة "ما لنا لنا وما لكم لنا ولكم"، فلا يجوز".
وفيما يعتبر رئيس المجلس التصويت على قانون الانتخاب لاقراره غير مقبول لأنه مثابة فرض لرأي الأكثرية، تسأل الاوساط "ألَيس قول بري "خذوا العرض الذي طرحته كما هو، أو اتركوه"، فرضا أيضا؟ مشيرة الى ان هذه السياسة إنما هدفها منع احراز أي تقدم على الصعيد الانتخابي، بعد ان تم إسقاط مشاريع وزير الخارجية جبران باسيل الواحد تلو الآخر، من دون بحثها حتّى، علما ان الرئيس بري رفع في الحقبة السابقة لواء "المختلط"، الا انه بدّل موقفه من هذه الصيغة، بين ليلة وضحاها!
وأمام هذا الواقع، تفيد الاوساط، ان القانون "التأهيلي" لا يزال مطروحا على الطاولة و"التيار" يتمسك به طالما أن لا اتفاق على صيغة بديلة. في الموازاة، تؤكد ان الرابية تبدي كل المرونة في التعاطي مع طرح النسبية الكاملة، الا انها تطالب بتحديد تفاصيلها، وتدعو الى تعزيزها بضوابط لضمان صحة التمثيل، منها نقل عدد من المقاعد من دوائر الى أخرى ورفع عدد الدوائر قدر المستطاع، اضافة الى اعتماد الصوت التفضيلي في القضاء على الاساس الطائفي. وتلفت الى انها قدمت كلّ ايجابية مطلوبة وتنتظر تجاوب الفريق الآخر وتحديدا الثنائي الشيعي مع هذه المطالب، فنذهب معا لاقرار قانون جديد وطي صفحة التمديد والفراغ والستين.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك