على وقع سقوط مهلة دعوة الهيئات الناخبة التي حددها وزير الداخلية نهاد المشنوق بـ18 آذار (على أساس أن الانتخابات النيابية يفترض ان تحصل في 18 حزيران المقبل)، وانقضائها من دون توقيع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مرسوم "الدعوة" الذي رفعه رئيس الحكومة سعد الحريري الى بعبدا السبت الماضي، استمرت الاتصالات السياسية لمحاولة استيلاد قانون جديد، علّ هذا الاتفاق ينقذ الاستحقاق النيابي ومعه صورة "العهد" الجديد، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ"المركزية، مع انه سينص على تمديد تقني للمجلس لفترة زمنية محددة، ويعيد ترتيب المواعيد الدستورية وفقها.
ففي أعقاب التناغم الشيعي الذي تجلّى في أواخر الاسبوع بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، حيث أجمعا على أولوية التوصل الى قانون انتخابي جديد واعتبراه أبدى من الموازنة والسلسلة وكل الملفات الداخلية الأخرى، سُجّل اجتماع ضم مساء أمس في وزارة الخارجية رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل وممثلين عن تيار "المستقبل" وحزب الله و"حركة أمل" خصص لمناقشة قانون الانتخاب، فيما كان رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع يلتقي الرئيس الحريري في بيت الوسط. واذ تشير الى ان أجواء "خلوة" قصر بسترس كانت ايجابية، تلفت المصادر الى ان البحث تركّز خلالها على الصيغة الانتخابية الاخيرة التي طرحها باسيل حيث تم الخوض في تعديلات يمكن ادخالها اليها لتصبح أكثر قابلية للحياة. وتقول المصادر ان مشاركة الثنائي الشيعي في الاجتماع تشكّل ترجمة عملية لاصراره على اقرار قانون جديد، الا ان احراز هذا الهدف يحتاج الى قبول الثنائي بالتخلي عن النسبية الكاملة التي لا يزال يتمسك بها وهو ما أعلنه نصرالله مجددا السبت. فهل يفعل؟ أم يبقى على رهانه بأن التيار الازرق سيقبل "مع الوقت" بالقانون الذي يريده؟ الايام القليلة المقبلة ستحمل الجواب الشافي لهذه الاسئلة. في الأثناء، تسجل أوساط نيابية شاركت في اجتماعات "الطائف" ملاحظات دستورية على مجمل الصيغ المطروحة. فهي ترى ان معظم المشاريع التي رميت في سوق التداول الانتخابي إنما يضرب الدستور لاسيما مقدمته وروحيته لجهة تعزيز المواطنة ومبدأ العيش المشترك. فالقانون الارثوذكسي على سبيل المثال لا الحصر يعيد لبنان الى الوراء اذ يقوّي منطق الطائفية والمذهبية لدى الناخبين بدل الانطلاق نحو الغائها تدريجيا من النفوس والنصوص انسجاما مع الطائف. الى ذلك، لم تأت وثيقة الوفاق الوطني لا على ذكر النسبية ولا على اعتبار لبنان دائرة انتخابية واحدة، بل تحدثت عن المحافظات الخمس بعد اعادة النظر في التقسيم الاداري.
وليس بعيدا، تنقل مصادر دبلوماسية عبر "المركزية" استغراب بعض المسؤولين الفرنسيين انشغال القوى السياسية، في هذا التوقيت الدقيق أي في ربع الساعة الاخير الذي يسبق الاستحقاق النيابي، بوضع قانون جديد للانتخاب، ذلك انها فشلت منذ اكثر من عشر سنوات في التوافق عليه مع ان كل الحكومات المتعاقبة منذ العام 2005 كانت تعرب في بيانها الوزاري عن حرصها الشديد على وضع قانون انتخاب عصري وحديث، وأخفقت في انجاز هذه المهمة. واذ يسأل هؤلاء "هل يعقل ان يتفق الللبنانيون في اسابيع قليلة على القانون"، ينصحون- وفق ما تقول المصادر- باحترام الدستور والمهل وباجراء الانتخابات في موعدها وفق القانون الحالي على علّاته (خصوصا ان النظام الاكثري اعتُمد أكثر من مرة، فلمَ الاصرار على النسبية اليوم)، تفاديا للفراغ وصونا للمؤسسات، على ان يتمّ بعد الاستحقاق، الانكباب على البحث عن قانون جديد، فتجرى الانتخابات المقبلة على أساسه.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك