في المبدأ، الجمعيّات هي منظّمات لا تبغي الرّبح، وهدفها تلبية احتياجات المجتمع من دون تفرقة، وذلك عبر المساعدات والهبات التي تقدّم لها، وأيضاً من خلال الجهود التي تبذل فيها ومن أجلها. ولكن بالفعل، الجمعيات المرخّص لها، والتي نالت صفة المنفعة العامّة في لبنان، ليست إلا انعكاساً للطائفيّة التي تتحكّم برقاب العباد والبلاد.
في لبنان، يبلغ عدد الجمعيّات الاهلية المرخّص لها حتّى بداية العام 2017، زهاء 7 آلاف جمعية، 95 منها فقط نالت صفة المنفعة العامّة.
يحدّد القانون مجموعة من الشّروط لمنح صفة المنفعة العامة للمؤسسات والجمعيات. ومن هذه الشّروط، أن لا تتوخى الرّبح وأن تكون أهدافها عند تأسيسها محدّدة في المجالات الاجتماعية أو في أيّ من مجالات الخدمة العامّة، وأن تتّصف خدماتها بالشمول والاستمراريّة، بالاضافة الى شرط أن تضمّ بين أعضائها أشخاصاً من ذوي الاختصاص والخبرة لتحقيق الاهداف، ومن الشّروط أيضاً، أن تخصص كامل مواردها لتحقيق أهدافها.
بحسب آخر الارقام والاحصاءات، تقسّم الجمعيات التي نالت صفة المنفعة العامة في لبنان بحسب "الترتيب الطّائفي" الاتي: 34 جمعيّة أهلية لبنانيّة، 22 مؤسسة أو جمعية مسيحية أو أرمنية، 15 مؤسسة أو جمعية سنية، 14 مؤسسة أو جمعية شيعية، 9 مؤسسات أو جمعيات درزيّة، ومؤسسة واحدة أميركية.
هذه الارقام تعكس وجهاً قديماً ومتجدّداً للمحاصصة الطائفية والسياسية في لبنان التي تتغلغل في شتّى المجالات والمراكز والمؤسّسات، فتصبح الجمعية العامة بعيدة كلّ البعد عن الشروط أعلاه، لتخدم أبناء طائفة معيّنة، ومواطنين يخصّون سياسيين معيّنين، وفي بعض الاحيان قد تكون بعض الجمعيّات مجرّد تمويه لتمويل غير مباشر لبعض السياسيين، مع العلم أنّ المؤسسات ذات المنفعة العامّة تستفيد، بحسب القانون أيضاً، من "المساعدات والاعانات التي تمنحها الدّولة والبلديات والمؤسسات العامة، ومن الاعفاءات المقررة للمؤسسات العامة من الضرائب والرسوم".
أبواب "شرعية" للفساد والمحاصصة والطائفية تحت مسمّى "المؤسسات ذات المنفعة العامّة"... وكم من منافع خاصّة تحقّقت عبرها!
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك