ما أن يُغادرنا الصيف ويرحل عنّا دفؤه، حتى تبدأ نسيمات البرد بالورود إلينا، ومعها تأرجح للحرارة لا يعرف ميزانا ولا قاعدة. وهنا، يبدأ الموسم! موسم الرشح والامراض، لدى الصغار كما عند الكبار. فالمرض هنا يشبه أحجار الدومينو متى سقط واحد، حتى تدحرجت العدوى لتتنقل ضمن العائلة الواحدة، فالاقرباء، فالأصدقاء، وصولا إلى مراكز العمل المغلقة، والمدارس والجامعات. وامام ما تقدّم، من تراه المستفيد الأوّل؟
لو كنّا نعيش في بلد غير لبنان، لكان الجواب طبعا، "الطبيب والمستشفيات".إنما هنا، تختلف المعادلة كثيرا! ففي لبنان، "الكلّ حكما"، والدتي ووالدتكوجدّتي، والجارة... فترانا لا نذهب لزيارة الطبيب إلا حينما يتفاقم المرض كثيرا، أو تكون الإصابة بالغة. وفي ما عدا ذلك، تكون الصيدلية مقصدنا الاول، إما لابتياع الدواء الذي ارتأينا بأنفسنا بانه العلاج الانسب لحالتنا أو حالة المريض من عائلتنا، وإما لاستشارة الصيدليّ الذي لا يوفّر فرصة لاستعراض خبراته الاستشفائية.
في الدول الاوروبية، لا يمكنك ابتياع دواء من الصيدلية ما لم تكن في حوزتك وصفة طبيب، مهما كان وضعك سخيفا، ونعني به، حتى وجع الرأس! قد يكون ذلك مبالغا به، إذ تصبح مضطرا إلى الذهاب إلى عيادة الطبيب كلما شعرت بوجع في الرأس او في الحلق، أو كلما "عطست" ربما. لكنه، من ناحية اخرى، ينظّم الحياة أكثر، ويحدّ من الفلتان الحاصل في هذا المجال.
ففي لبنان، الوضع مختلف كثيرا، فالأدوية في متناول الجميع، مع وصفة أو من دونها، كما بات للصيدلية عيدٌ، هو الموسم الذي تعمل فيه أكثر من غيره، وهو يبدأ مع زخات المطر الاولى وتغيّر الطقس. تقف في صفّ طويل من المرضى، تنتظر دورك لتطلب الدواء الذي تراه مناسبا.
تؤكّد نتالي، وهي صاحبة إحدى الصيدليات في جبيل، في حديث لموقع mtvالالكتروني، أن المبيع الاكبر من الادوية يمتدّ من تشرين الأول وحتى آذار، أي موسم المرض و"الرشح"، إذ إنه مع تغيّر الطقس وتعرّضنا لدرجات حرارة مختلفة في اليوم الواحد، تنتشر الفيروسات وتنتقل من شخص إلى آخر، ما يجعل "الزبائن" كثرا.
أضف إلى ذلك، ان كثرا يسرعون في هذه الفترة لأخذ لقاح ضدّ الأمراض، كذلك فالمعروف عن هذه الفترة بانها موسم "تشيشة" و"حمقموق" التي تنتشر خصوصا بين الأطفال، وبالتالي، تنتقل العدوى في غالبية الاحيان داخل المدارس ما يجعل السيطرة عليها صعبا، ومن هنا يكثر الطلب على أدوية محدّدة.
ومن هنا، يمكن القول إن مصائب قوم عند قوم فوائد، فدواء مرضكم هو منفعة لدى الصيدليّ الذي، وبحسب ما تؤكد نتاليا، يأخذ قسطه أيضا من الفيروسات الكثيرة التي يتعرّض لها يوميا، حيث أن المرض يزوره بين الدقيقة والاخرى...
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك