رائحة النفايات التي تغطي الساحل المتني مع تحرك الجرّافات عند "جبل برج حمود" لا تخفي الصفقة العقارية التي يود اركان السلطة تحقيقها في المنطقة تحت عنوان شركة "لينور".
النفايات طافت مع ردم البحر، لتصل الى تركيا وقبرص واليونان التي قررت (الدول الثلاث) رفع دعوى ضد الدولة اللبنانية بتهمة تلويث البحر الابيض المتوسط، ووصلت الاصداء ايضا الى راديو "مونتي كارلو" الدولي، الذي اعد تقريراً خاصاً عن عمليّة ردم البحر عند الواجهة المتنيّة بالنفايات للبدء بورشة اعمار كبيرة لبعض المنتفعين في السلطة. وهو مشروع يرتّب ضرراً على الثروة السمكيّة.
وتحقيق "مونتي كارلو" تردّد صداه الى كافة الدول التي ينوي ابناؤها السياحة في لبنان حيث تردد هؤلاء في المجيئ اليه. واللافت بان حماسة تشهدها بعض البلدات اللبنانية باحياء عدد من المهرجانات من اجل تفعيل السياحة، الا ان ذلك لا يدرّ اموالا قياسا الى ما يدخله هؤلاء السواح الذين ياتون الى لبنان والتجوال في هذه المناطق بالتحديد.
وقد بدا لافتا النداء الذي وجهه نقيب اصحاب المقاهي والمطاعم والملاهي طوني رامي الذي شكا الصيف الماضي من كثافة سفر اللبنانيين للسياحة بدلا من ان ياتي سواح من الخارج الى لبنان، وقد ذكر في بيان منذ عدة ايام بان هناك 18 رحلة شارتر الى قبرص في الاسبوع، و5 الى برشلونة الاسبانية، و19 الى الجزر اليونانية، وعدة رحلات الى تركيا اضافة الى رحلات بالجملة الى دول اخرى.
ان نتيجة التلوث على القطاع السياحي اللبناني وعلى خرق القانون الدولي الذي يمنع ردم البحر بالنفايات نظرا للتلوث الذي يتسبب به على امتداد التيارات البحرية ، الامر الذي لا يمكن ان تسكت عنه سلطات دول حوض المتوسط استنادا الى اتفاقية برشولونا.
الضرر يشمل ايضا الصيادين المنتفعين من شاطئ المتن الشمالي وغير شواطئ على امتداد الساحل اللبناني ابتداء من صور وصولا الى عكار الذين يعيشون من صيد اسماكه، ذلك ان الكلام بات واضحا بان اللبنانيين يأكلون النفايات على مائداتهم نتيجة رميها بالبحر وتحولها طعاما لهم.
كما ان المتنيين انفسهم وجدوا في المشاريع المشيدة على واجهتهم البحرية، عقابا لهم واستقطابا لرؤوس الاموال الخليجية واللبنانية، خصوصا وان سعر الشقة او "الشاليه" يتخطى الثلاثة ملايين دولار، فرفع بعضهم الصرخة بوجه حيتان المال الذين يحتلون الارض بمبالغ خيالية، فيما يستثمر بعض من في السلطة الارض والبحر ويسهلون طرق المواصلات الى الواجهة البحرية عبر اصدار مراسيم ببناء جسور لتسهيل حركة المرور لعشرات الاثرياء نحو هذه "المناطق المستحدثة" مقابل حبس الالاف على الطرقات من خلال مشاريع غير مدروسة .
"فزاعة النفايات" هذه التي ارادت السلطة اظهارها للمواطن، بدأت تتكشف معالمها وهي اليوم تحولت الى ارضية خصبة لبناء المشاريع على الساحل المتني.
وفيما اختلف الجميع على تقسيم الجبنة، يبدو أن "لينور" جمعهم عبر متمولين محسوبين على كل طرف سياسي، وعمل بصمت هذا المشروع على ردم البحر ولو كانت الكلفة باهظة على الدولة اللبنانية التي عليها دفع ملايين الدولارات في حال ذهبت اليونان او تركيا او الدول الاوروبية المطلة على المتوسط، الى رفع شكوى ضدّها بسبب تلويثها البحر، فتخسر بالتالي ثقة الدول الغربية، ويخسر المتني بحره، وتشوه ايضا الواجهة الاجمل على ضفاف المتوسط، لان هناك زمرة من المنتفعين يريدون تعبئة جيوبهم على حساب المال العام.
وفي هذا الاطار، اوضح خبير في الهندسة، ان بناء هذه الشركة سيجعل ابناء المتن الشمالي غرباء في منطقتهم، يقبعون وراء حائط إسمنتي من البناء بمثابة خط "ماجينو" يحجب عنهم البحر الذي بات محرما عليهم في ظل صمت مستغرب عن هذه الصفقة التي يجمع عليها جميع المتواجدين في الحكومة دون استثناء، والذين اعطوا الضوء الاخضر للمباشرة بهذا المشروع دون اصدار مرسوم يجيز لهم العمل في هذه البقعة من الارض وردمها بشكل مخالف للقانون البحري المحلي ومعاهدة برشلونة، وايضا دون العودة الى قوانين التنظيم المدني في ما خص البناء على الشاطئ كما حصل على شاطئ المتن الشمالي حيث علو الابنية 8 طبقات مما يخالف كل القوانين التي لا تسمح ببناء هذا العلو على الشاطئ كما عرض التلفزيون الكندي منذ فترة فيلماً عن تلوث الشواطئ اللبنانية، وكيف وافقت الحكومة اللبنانية على تسليم شركة خاصة مهمة رمي النفايات في البحر، ان تلوث الشواطئ اللبنانية ليس جديداً، ولكنه زاد مع زيادة عدد السكان وزيادة لامبالاة السلطات اللبنانية إزاء هذه المشكلة الخطيرة.
ولفت الخبير الى ان الشاحنات المحملة بالنفايات في منطقة برج حمود وغيرها من المناطق والتي ترمي نفايات الملايين من اللبنانيين في البحر تشكل كارثة بيئية خطيرة في لبنان. وعلى المجتمع الدولي ان يتحرك بسرعة لإنقاذ البحر المتوسط من التلوث اللبناني الذي سيؤثر عاجلاً او آجلاً على المياه المجاورة بل اكثر على مياه المتوسط ككل.
وقد اعتاد اللبنانيون الإدانة الكلامية لرمي النفايات في البحر، في حين انه ينبغي التظاهر والصمود حتى النهاية لوقف هذه الممارسات الوحشية التي تحدث. ومن الضروري ان تتحمل وزارة البيئة مسؤولياتها، فالشاطئ اللبناني الملوث الذي يؤدي الى فقدان الصيادين اللبنانيين لقمة عيشهم لأن الأسماك تموت من سم النفايات يشكل فضيحة أخرى ناتجة عن اخفاق السياسيين اللبنانيين في معالجة هذه القضية.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك