فيما بدت معظم القوى السياسية متريّثة في التعليق على "الاقتراح - القنبلة" الذي رماه رئيس مجلس النواب نبيه بري فوق الساحة المحلية "من دون مقدّمات" أمس، وفي وقت انفرد "التيار الوطني الحر" حتى الساعة بالرّد بسلبية على فكرة بريّ على لسان رئيسه وزير الخارجية جبران باسيل الذي اعتبر ان المطالبة بتقصير ولاية المجلس النيابي، هدفها "ضرب الاصلاحات التي نطالب بها انتخابيا"، انطلقت في "المختبرات" السياسية عملية تحليل أبعاد خطوة رئيس المجلس وخلفيّاتها.
وفي السياق، تقول مصادر مراقبة لـ"المركزية" إن بري أصاب أكثر من "عصفور" بـ"حجر" المطالبة بانتخابات قبل نهاية العام الجاري. فهو من حيث الشكل، بدا الاكثر حرصا من بين اللاعبين المحليين على وضع حد للتمديد والذهاب نحو انتخابات نيابية باتت مرجأة 3 مرات، وهذا الموقف من شأنه أن ينصّع صورته امام الرأي العام المحلي والخارجي.
في الموازاة، يمكن القول ان رئيس المجلس غسل يديه سلفا من أي تمديد قد يكون البعض بدأ يعدّ له تحت ذريعة "ان الوقت لن يكون كافيا لاصدار ملايين البطاقات البيومترية قبل أيار المقبل". وهو أكد للجميع انه، بعد ان ارتضى التمديد مرة ثالثة على مضض، ليس في وارد القبول بأي تمديد جديد و"ليتحمّل كلّ مسؤوليته".
أما من حيث المضمون، فتعتبر المصادر ان رئيس المجلس أحرج بلا شك القوى السياسية كلّها بـ"أرنبه" الجديد. الا انها تتوقّع أن يلاقي عدد لا بأس به منها، بعد أن تستفيق من "الصدمة"، "حركةَ أمل" في توجّهها، كالقوات اللبنانية وحزب الله و"المردة" وشخصيات مستقلة، من باب رفض "المزايدة عليها". غير ان شبه الاجماع هذا، لن يبدّل في واقع موعد الانتخاب.
فبحسب المصادر، سيتبين مع الوقت وفي فترة غير طويلة، ان هذا الطرح لا يعدو كونه زوبعة في فنجان، ذلك ان العامل اللوجستي سرعان ما سيبرز الى الواجهة مجددا، عن حقّ أو غير حقّ، ليدلّ الى تعذّر الاعداد للاستحقاق تقنيا، قبل نهاية العام. وقد ذهب موقف رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع في هذا الاتجاه اذ قال "القوات جاهزة لخوض الانتخابات في أي وقت تستطيع وزارة الداخلية تنظيمها".
انطلاقا من هنا، تشير المصادر الى ان خطوة بري هي "رسالة سياسية" أكثر من أي شيء آخر، يريد عبرها تذكير ثنائي "العهد" أي التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، بضرورة عدم تجاوزه في القرارات الكبرى، والا فإنه قادر على "قلب الطاولة على الجميع"، وذلك بعد ان استشعر محاولات متكررة من قبلهما للتفرد بها وحتى لعقد صفقات، متوقفاً في السياق عند ما حصل في تلزيم البطاقات البيومترية بلا مناقصات، وفي ملف بواخر الطاقة أيضا.
على أي حال، وفي وقت أعلن رئيس المجلس ان سيتم البحث في اقتراح القانون المعجل المكرر الذي تقدمت به كتلته أمس، خلال جلسة مجلس النواب المقبلة، وقد أُدرج اليوم رسميا على جدول أعمالها، تقول المصادر "لنفترض انه أبصر النور وتم تقصير ولاية مجلس النواب". فرئيس المجلس وفريقه السياسي وتحديدا ثنائية "أمل - حزب الله" لن تتأثر أبدا بتداعياته انتخابيا، ذلك ان إمساكهما بالشارع الشيعي في شكل شبه تام سيسمح لهما بتحقيق "السكور" النيابي عينه مهما تبدّلت طبيعة القانون الانتخابي او موعد الانتخاب. أما المتضرر من تقريب موعد الاستحقاق، فهي الفئات السياسية الاخرى خصوصا مع "النسبية" المعتمدة للمرة الاولى في لبنان. والواقع هذا، يدعّم فرضية "الرسالة السياسية" التي ذكرناها آنفا، تختم المصادر.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك