في اتجاه ثلاثة استحقاقات كبرى ينحو المشهد السياسي اللبناني هذا الاسبوع. القمة العربية التي ستحدد علاقة لبنان الاستراتيجة بالدول العربية، كأحد ابرز اعضاء هذه المجموعة، انطلاقا من مقدمة الدستور ومصلحة لبنان العليا، قانون الانتخاب الذي دخل مدار العدّ العكسي لاقراره وسط استمرار تعثر الجهود وملف الكهرباء الذي وُضع على طاولة مجلس الوزراء من بوابة خطة وزير الطاقة والمياه سيزار ابو خليل المتكاملة لمعالجة الازمة.
القمة: بعد غد الاربعاء، يعقد القادة العرب قمتهم الثامنة والعشرين في الشونة على البحر الميت وتتصدر مباحثاتها ازمات سوريا والعراق واليمن وليبيا والصراع الفلسطيني- الاسرائيلي وكيفية مكافحة الارهاب. وفيما يشارك فيها الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس للمرة الاولى بعد انتخابه، يحضر ايضا الموفد الدولي الخاص الى سوريا ستيفان دي ميستورا لاطلاع المسؤولين العرب على مستجدات العملية السياسية في سوريا، كما يحضر مبعوثان رئاسيان من الولايات المتحدة وروسيا وآخر من الحكومة الفرنسية الجلسة الافتتاحية التي تتمثل فيها الدول الـ22 الاعضاء في الجامعة العربية، بإستثناء سوريا المعلقة عضويتها منذ العام 2011. واليوم بدأ وزراء خارجية الدول العربية اجتماعاتهم التمهيدية على مدى يومين في مركز الملك حسين بن طلال للمؤتمرات.
...ومشاركة لبنان: اما المشاركة اللبنانية في القمة، فتتسم بأهمية خاصة كونها تضم الى جانب الرئيس ميشال عون رئيس الحكومة سعد الحريري بما تمثل هذ المشاركة. واكدت اوساط سياسية مطلعة لـ"المركزية" انها ستحمل عنوان تبديد اللبس الذي شاب موقف لبنان الرسمي من "حزب الله" من جهة، ومن الدول الخليجية من جهة أخرى، جرّاء كلام عون عن سلاح الحزب المكمل لدور الجيش اللبناني، والهجوم الذي شنه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله على المملكة. ولفتت الى ان الوفد اللبناني سيؤكد ان موقف لبنان الرسمي من هاتين القضيتين يحددهما خطاب القسم والبيان الوزاري، ويجدد الإشارة الى ان قضية السلاح تدخل فيها اعتبارات اقليمية ودولية. وشددت على ان كلمة لبنان ستظهر حرصا غير مسبوق على موقعه من ضمن الاسرة العربية، بما يطوي نهائيا صفحة اللغط، وان الرئيس عون قد يعلن أنه في صدد اطلاق حوار حول الاستراتيجية الدفاعية لحصر السلاح في يد الاجهزة الامنية والعسكرية الشرعية. اما الموقف اللبناني ازاء العرب، فتوقعت الاوساط ان يستند الى وقوفه الى "جانب العرب اذا اتفقوا وعلى الحياد اذا اختلفوا"، بحيث يلجأ الى "ورقة" النأي بالنفس عن أي مسائل خلافية، الا انه في المقابل سيدين التدخلات الخارجية في الشؤون العربية، ومن غير المستبعد ان يدين أي محاولات ايرانية لزعزعة الامن العربي والخليجي على ان يتحفظ على اي قرار يذكر "حزب الله" بالاسم، كونه فريقا سياسيا لبنانيا ممثلا في البرلمان والحكومة.
دعم الورقة: الى ذلك وفي حين درجت العادة على ادراج بند التضامن مع لبنان من ضمن الصراع العربي-الاسرائيلي، برزت مطالبات عربية بفصل الورقة اللبنانية عن الصراع، ما دامت لا تقتصر فقط على ادانة الخروقات الاسرائيلية للسيادة اللبنانية في شكل شبه يومي. وافاد مصدر دبلوماسي "المركزية" "ان الورقة تطلب من العرب دعمه في التمسك بحقه في ثرواته الطبيعية في المياه اللبنانية التي تزعم اسرائيل ان جزءاً منها تعود ملكيتها اليها، كذلك سيُطالب لبنان في الورقة بدعم اقتصادي وعسكري لمواجهة الارهاب واعباء النازحين، ودعم مسار الديموقراطية وتطبيق الدستور الذي يمنع التوطين".
القانون ورفض النسبية: في الشأن الانتخابي، اكدت اوساط سياسية مواكبة لحركة الاتصالات التي تراجعت في الساعات الاخيرة، ان سخونة ملحوظة تحكم النقاشات الانتخابية، خصوصا ان القوى السياسية متمترسة في مواقعها فلا التحالف المسيحي ومعه المستقبل والاشتراكي في وارد القبول بالنسبية الكاملة ولا الثنائي الشيعي يبدي ليونة في اتجاه التخلي عن هذه النسبية، ما يبقي الامور في دائرة المراوحة القاتلة. واليوم جدد رئيس خزب القوات اللبنانية سمير جعجع "رفض النسبية الكاملة لأنها سواء كانت على أساس لبنان دائرة واحدة أو على أساس 13 أو 15 دائرة، فهي تعني الديمقراطية العددية التي تتناقض مع جوهر وروح اتفاق الطائف والميثاق الوطني والتعايش في لبنان، وبالتالي النسبية أمر مرفوض بالنسبة لنا وفقاً لهذا المنطق"، مشيراً الى "ان الهدف من ترويج النسبية الكاملة هو تطبيق الديمقراطية العددية عبر قناع اسمُه النسبية الكاملة".
كبارة ووقف العدّ: اما الموقف المستقبلي، فعبّر عنه وزير العمل محمد كبارة عبر "المركزية" مؤكدا "ان موقفنا واضح لجهة تمسّك التيار بالقانون "المختلط" الذي يجمع بين النظامين الاكثري والنسبي وإعتماد معيار واحد يُطبّق في معظم المناطق اللبنانية بالنسبة لتقسيم الدوائر"، معلناً "ان الرئيس الحريري لن يتنازل في قانون الانتخاب وهذا غير وارد لديه، فهو انطلاقاً من حجم تمثيله الشعبي والنيابي عبر كتلة عابرة للطوائف تُمثّل مختلف المذاهب يريد قانوناً يُلبّي طموحات اللبنانيين بإيصال نواب الى الندوة البرلمانية يُمثّلونهم خير تمثيل"، وقال "صحيح اننا كتيار سياسي اوقفنا العد، الا اننا نريد وقف العد في امور اخرى".
التيار لا للنسبية الكاملة: اما التيار الوطني الحر الذي حدد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل موقفه الانتخابي في جولته الجنوبية امس، داعيا رافضي الستين إلى إختيار أحد مشاريع القوانين المطروحة اليوم على بساط البحث، ورافضا النسبية الكاملة، نبه عضو تكتل التغيير والاصلاح النائب غسان مخيبر عبر المركزية "إلى أن "مسار الأمور مقلق جدا. ذلك أننا نتدحرج بسرعة فائقة إلى حافة الهاوية ، الا اننا لا زلنا نعول على اتفاق ربع الساعة الأخير".
الاتفاق "يتعقّد": في المقابل، حذر عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق "من مغبة عدم التوصل إلى إتفاق على قانون إنتخاب"، معتبرا أن "عدم الإتفاق يقرب لبنان من المخاطر المحدقة التي لن تستثني احدا". وقال ان "مسار الإتفاق على قانون جديد يتعقد أكثر فأكثر، ونقترب كلبنانيين من إنتهاء المهل ، وبالتالي ندخل في المجهول"، لافتا إلى أن "حرص حزب الله على إنقاذ البلد هو السبب في إستمرار المساعي واللقاءات والحوارات من أجل الإتفاق على قانون إنتخابي جديد يضمن صحة وعدالة التمثيل".
جلسة كهربائية: وسط هذه الاجواء، وقبيل مغادرته الى الاردن يرأس الرئيس عون قبل ظهر غد جلسة لمجلس الوزراء مخصصة للملف الكهربائي. وعشية الجلسة، عقد وزير المالية علي حسن خليل اجتماع عمل مع وزير الطاقة سيزار أبو خليل في مبنى وزارة المالية حضره وفد من مؤسسة كهرباء لبنان وآخر من المسؤولين الماليين في وزارة المال، تمت خلاله مناقشة التحضيرات لخطة الكهرباء المقترحة من قبل وزير الطاقة والتي سيناقشها مجلس الوزراء غدا. كما بحث المجتمعون في امور مرتبطة بعمل مؤسسة كهرباء لبنان. واشارت المعلومات الى ان خطة الوزير ابو خليل شاملة ومتكاملة تعالج ازمة الكهرباء من الفها الى يائها.
تعاون نفطي: على صعيد اقليمي - دولي آخر، يتوجه الرئيس الايراني حسن روحاني الى موسكو حيث يجري مباحثات مع نظيره فلاديمير بوتين. وفي السياق، أعلن روحاني أن طهران ترحب بالاستثمارات الروسية في حقول النفط والغاز في إيران. وقال من مطار مهر اباد في طهران قبيل مغادرته الى روسيا "ثمة إمكانات هائلة للاستثمار الروسي في قطاع الطاقة في إيران"، مضيفا "عرضنا عددا من حقول النفط والغاز على الشركات الروسية وسنرى تطورا كبيرا في التعاون في مجال الطاقة".
المركزيّة
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك