فيما تجهد حكومة الرئيس سعد الحريري لـ "استعادة الثقة" الشعبية بإقرار أول موازنة للبلاد منذ أكثر من عقد من الزمن، لوحظ تراجع لافت في الحديث عن قانون الانتخاب، بعد سلسلة مواقف لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون حث فيها الجميع على الخروج بصيغة انتخابية جديدة طال انتظارها، بعد تمديدين لمجلس نواب الـ 2009، من دون أن يفوته رفض الفراغ، والتلويح باستخدام صلاحياته الدستورية، وبينها توجيه رسالة إلى مجلس النواب لحمله على القيام بواجباته في هذا الملف.
وإذا كان الدائرون في فلك العهد متمسكين بتفاؤل طبع خطابهم السياسي طويلا، فإن التشاؤم يخيم على أجواء اللجنة الرباعية على وقع سقوط مختلف الصيغ المطروحة للقانون الموعود بفعل فيتوات كثيرة رفعها عدد من أطرافها لا سيما منهم حزب الله، الذي يضعه كثيرون في قفص الاتهام الانتخابي، معتبرين أن مواقفه الأخيرة تشي بأنه لا يريد إنجاز الاستحقاق النيابي بناء على قانون جديد.
وتبعا لهذه الصورة، تكشف أوساط اللجنة الرباعية لـ "المركزية" أن ملف قانون الانتخاب عاد إلى نقطة الصفر، على وقع الرفض الذي تواجهه الصيغتان الأكثرية والنسبية، إلى جانب سقوط مشروع الوزير جبران باسيل القائم على صيغة "التأهيل".
وإذا كانت الأوساط تؤكد أن النقاشات تدور حول صيغة مختلطة جديدة، إلا أنها لا تخفي استغرابها لعودة حزب الله إلى الضغط في اتجاه النسبية، بعدما شارك ممثله في اللجنة الرباعية النائب علي فياض في اجتماعات طويلة حصر النقاش فيها بالصيغة المختلطة، ما ساهم في إعطاء إشارة ايجابية من جانب الحزب.
وتذهب المصادر نفسها بعيدا، إلى حد وضع الكرة الانتخابية في ملعب حزب الله دون سواه. ذلك أن مواقفه الأخيرة لجهة العودة إلى العزف على وتر النسبية الكاملة على أساس لبنان دائرة واحدة، أو 13 دائرة طبقا لمشروع حكومة ميقاتي، لا يمكن أن يفسر إلا سعيا ممن لا يريد قانونا ولا انتخابات.
أمام هذا المشهد المحفوف بالهواجس والعراقيل، تطرح أوساط "الرباعية" ما تعتبره "تساؤلا مشروعا": ما دامت كل القوى (التيار الوطني الحر والقوات والرئيس بري والنائب وليد جنبلاط) تؤيد المختلط، لماذا لا يتم الضغط لإقناع الحزب بالسير به، بدلا من أن يمضي هو في الضغط تأييدا للنسبية التي يرفضها عدد لا يستهان به من الافرقاء؟
وعلى رغم الكلام عن أن موقف الحزب هذا سدد ضربة قوية للمشاورات الانتخابية الطابع وأعادها إلى المربع الأول، تشير مصادر الرباعية إلى أن اتصالات مكثفة تجري بعيدا من الاعلام بين أعضاء اللجنة والخبراء الحزبيين الذين يبحثون هذا الملف في موازاة المساعي السياسية، بهدف إعادة إحياء المختلط، بوصفه الصيغة الوحيدة القابلة للحياة، خصوصا أن المهلة الفاصلة عن موعد الانتخابات باتت قصيرة وينبغي أن ينبري خلالها الأفرقاء لإعداد معاركهم الانتخابية.
على خط بعبدا، لا يزال الرئيس عون متمسكا بإنجاز المهمة الانتخابية، أيا كانت العصي التي ستوضع في دواليبها. وفي هذا الاطار، تلفت أوساط الرباعية إلى أن عون قد يلجأ إلى صلاحياته الدستورية ويوجه رسالة إلى المجلس النيابي يحضه فيها على تحمل مسؤولياته، لأن لا يجوز أن يغرق البلد في فراغ نيابي يعتبر خطيرا بعدما بذل كثيرا من الجهد لملء الشغور الرئاسي".
من جهتها، تدعو أوساط مقربة من تيار "المستقبل" عبر "المركزية" أيضا إلى الاتفاق على مشروع يجمع الصيغتين الأكثرية والنسبية، مؤكدة انفتاحها على بحث كل الخيارات في الملف الانتخابي.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك