أشارت صحيفة "الراي" الكويتية، إلى ان الأجواء الأوّلية التي صدرت عن النائب سليمان فرنجية تعاطت مع خطوة الرئيس ميشال عون الابوية على انها "غير كافية وعمومية"، معتبرةً ان توجيه دعوة مباشرة من "القصر" إليه ستجعله يلبيها انطلاقاً من احترامه لموقع الرئاسة، وهو ما يعني ان اي زيارة لزعيم "المردة" لرئيس الجمهورية ما زالت رهن إما طلب فرنجية موعداً بعدما كسرتْ خطوة "بعبدا" الجليد، أو أن يعمد عون الى المزيد من سحب الذرائع بدعوته للاجتماع به لمناقشة هواجسه.
ورأت أوساط سياسية عبر "الراي"، ان أياً من هذين الاحتمالين كفيل بأن يشكّل في ذاته عقدة بحال لم تتوافر النيات الصادقة لكسر مأزق تأليف الحكومة، ولا سيما في ظل العلاقة السيئة جداً بين عون وفرنجية على خلفية الانتخابات الرئاسية التي أصرّ زعيم "المردة" على مواجهة "الجنرال" فيها حتى النهاية، وصولاً الى مقاطعته استشارات تسمية الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة والتهاني بالاستقلال، وسط انطباعٍ بأن خلاف الرجلين ذات صلة بحجز مقعد متقدّم في خلافة عون رئاسياً.
ولاحظت هذه الأوساط ان عون قام بـ"نصف خطوة" الى الامام باتجاه فرنجية، وهو ما يضع "حزب الله" أمام مسؤولية جعل فرنجية يلاقيها بـ"نصف خطوة مماثلة"، معتبرة ان ما اشاعته مصادر "المردة" عن "الخطوة الناقصة" من رئيس الجمهورية سيحمّل الحزب وزْر إظهار عون بمظهر من قدّم تنازلاً بناء على وساطة لم يتكفّل الوسيط تنسيقها مع الطرف الآخر، وهو ما قد يرتدّ سلباً على هيْبة الرئاسة وتالياً كل الجهود الرامية الى استيلاد الحكومة الجديدة.
من هنا، فإذا شهد الأسبوع الطالع زيارة من فرنجية لقصر بعبدا، فإن الأمر سيشكّل إشارة الى قرب الإفراج عن الحكومة، على قاعدة "خيارات بديلة وتبادُلية" في الحقائب يجري العمل عليها، وبينها موافقة "المردة" على تولي وزارة التربية وحصول رئيس البرلمان نبيه بري على حقيبة الأشغال على ان تتنازل عنها "القوات اللبنانية" مقابل وزارة الصحة.
ورأت الأوساط السياسية نفسها ان معاودة تحريك المساعي وبزخم كبير على خط تأليف الحكومة أتى في ضوء 3 معطيات: الأول ان مأزق التشكيل باتت أضراره تصيب الجميع، اي العهد الجديد وحلفاؤه الذين يستعجلون اكتمال عُدة انطلاقته بولادة الحكومة، وخصومه المفترضين الذين صاروا يتحمّلون وزْر وضع العصي في دواليب التأليف وتأثيرات ذلك على امكان إصدار قانون جديد يريدونه بشدّة لتجري على اساسه الانتخابات النيابية المقبلة في مايو المقبل.
والمعطى الثاني، ان الاتجاه لتسهيل ولادة الحكومة يشي بنقل المواجهة الى الملعب الأهمّ على صعيد رسم التوزانات السياسية اي قانون الانتخاب الذي يريده فريق 8 آذار مدخلاً من خلال نظام الاقتراع النسبي وتقسيمات الدوائر لإنتاج موازين قوى تتيح له إضعاف خصومه والإبقاء على ثقله في تحديد الأحجام والخيارات، ولا سيما ان موشرات برزت وبالأرقام الى ان ايّ إبقاء على قانون الستين الحالي وإجراء الانتخابات على أساسه سيكون كفيلاً في ظل تحالف حزب الرئيس عون (التيار الوطني الحر) و"القوات اللبنانية" مع احتمال انضمام تيار "المستقبل" (الحريري) اليهما وربما النائب وليد جنبلاط بإيصال برلمان يكون فيه "حزب الله" محاصَراً بغالبية وازنة غير مسبوقة منذ العام 2005.
اما المعطى الثالث فهو "الهجمة" الديبلوماسية على لبنان،العربية والاقليمية والدولية والتي تؤشر الى رغبة في الإسراع بتأليف الحكومة لتشكّل الوعاء لاستيعاب المساعدات ذات الصلة بملف النازحين السوريين او المساعدات العسكرية، كما تعكس إصراراً على ان يعزز لبنان من "صمامات الأمان" التي تقوي مناعته السياسية والأمنية والاقتصادية في مرحلة بالغة الحساسية في المنطقة في ظل بلوغ الحرب السورية منعطفات خطرة ومع بدء العدّ العكسي لتسلم دونالد ترامب مقاليد الرئاسية في الولايات المتحدة وما قد يُحدِثه طاقمه المتشدد من "صدمات" في عدد من الملفات الاقليمية.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك