اكد رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع انه ضد اي اتجاه لـ"دوحة لبنانية" لأنه "ينطوي على قفز فوق الدستور والمؤسسات وكأننا نعلن موتهم وندعو الى بدائل عنهم"، مذكرا بأنه "أساسا لم أكن مع "الدوحة" الأول لأكون مع أي دوحة آخر، وتفكير من هذا النوع مدمر".
وقال في حديث الى صحيفة "الراي" الكويتية ينشر كاملا غدا: "صحيح ما يقال عن أن النظام الحالي يعاني مشكلات، لكن لم يقل أحد أن لديه نظاما بديلا. أما إذا كان القصد هو الدعوة الى دوحة على البارد أو على الحامي لإبقاء النظام على حاله مع أخذ صلاحيات من هذه المجموعة اللبنانية لمصلحة مجموعة لبنانية أخرى، فهذا أمر غير مقبول ومدمر، وما تطرح الآن بعض الأوساط يصب في هذا المنحى وليس في إطار البحث عن نظام آخر".
وأضاف: "ما أفهمه من طرح البعض لدوحة جديدة هو رغبة عند بعض الأفرقاء في تكبير حصتهم في التركيبة الحالية، وهذا أمر غير مقبول على الإطلاق، فمن الحكمة والتعقل التزام التركيبة الحالية وعلى علاتها لأن المصائب التي تحل بنا سببها عدم التزامها، بمعنى انه عندما يحل موعد إنتخاب رئيس للجمهورية ننتخب رئيسا وعندما يحين موعد الإنتخابات النيابية ننتخب برلمانا جديدا، كما حصل مع الإنتخابات البلدية التي جرت عندما قررنا أن نجري إنتخابات، وتاليا فإن سبب مأزق النظام الحالي هو أن هناك من يعمل على تعطيله".
واكد ردا على سؤال ان "حزب الله" هو من يعطل الانتخابات الرئاسية "وهذا الأمر ظهر خصوصا بعد ترشيحنا العماد ميشال عون"، وتدارك: "لا شك أن قوة التعطيل حاليا كبيرة جدا، ولكن لا شك أيضا انه ببعض الذكاء السياسي والمرونة والصلابة السياسية يمكن خرق التعطيل. نحن قمنا بخطوة ويمكن تجاوز تعطيل "حزب الله" عبر ملاقاة هذه الخطوة من آخرين، أي دعم العماد عون".
وشدد على "ان الحوار مع "تيار المستقبل" لم ينقطع ولن ينقطع في أي وقت، لأن الأسس موجودة، وتاليا مهما هبت عواصف فإنها تفسد في الود قضية للحظة أو يوم أو يومين ولكنها لا تهدم الأسس".
واذ اعتبر ان "خيار العماد ميشال عون هو الطريق الوحيد لكسر المأزق الرئاسي، كشف ان الحوار مع "المستقبل" يدور حول هذه النقطة ولافتا الى انه "حتى الساعة تيار المستقبل متخوف من هذا الخيار ويعتبر كأنه قفزة في المجهول"، ومشيرا الى انه "نظرا الى ما جرى في الأعوام العشرة الأخيرة تيار المستقبل يطرح تجربته، ويجب أن نحترمها. ولكن بالنسبة اليه هذه قفزة في المجهول وأنا رأيي، أي مجهول أكثر من الذي نعيشه اليوم؟".
وقال ردا على سؤال: "أتوجه الى حلفائنا أنه عندما تذهبون الى خيار الجنرال عون لديكم حد أدنى من الضمانات. وطبعا نحن كقوات لبنانية لسنا الحد الأقصى من الضمانات، وإذا ذهبنا جميعا الى هذا الخيار يصبح لدينا حد مقبول من الضمانات"، معتبرا انه "الآن لا يمكن إلا اللعب على حافة الهاوية، إذ إن الخيارات باتت محصورة. وبالتالي الخيار الذي أدعو الجميع إليه ليس سهلا وليس مضمونا مئة في المئة للجميع، ولكن في رأيي أن فيه ما يكفي من الضمانات لنخرج من الوضعية الراهنة".
وفي حين جزم أنه "منذ ترشيحي للعماد عون لم يختلف شيء في علاقتي مع المملكة العربية السعودية"، تطرق الى العشاء الذي أقيم في دارة السفير السعودي في بيروت علي عواض عسيري "فهناك أناس لم تتم دعوتهم قصدا، وآخرون جرت دعوتهم قصدا والجميع رأوا أين كانوا يجلسون".
وحين سئل هل يقصد بمن تمت دعوتهم قصدا الجنرال عون، أجاب: "نعم. وهذا يعني عمليا، بالنسبة الى السعوديين، أن ما تجدونه مناسبا قوموا به، ليست لدينا ممانعة ولكن لا تطلبوا منا أن نأخذ المبادرة".
وقال ردا على سؤال: "السعوديون لا يؤدون دورا لجهة إقناع الرئيس سعد الحريري بالسير بالعماد عون، ولكن في الوقت نفسه إذا جاء الرئيس الحريري وقال إنه يرى من المناسب السير بالجنرال عون، فلن يقولوا لا".
ووصف علاقته بالرئيس سعد الحريري بأنها "عادية، ولا تنقطع أبدا، ولكن ليست بأفضل أحوالها، وهناك عمل عليها، والعقدة الرئيسية في الوقت الحاضر تبقى رئاسة الجمهورية".
واذ اكد انه "متمسك بثوابته الاستراتيجية حيال العنوان السيادي، أوضح "أن حدود اللعبة معروفة هذه الأيام ولا أحد يمكنه أن يتخطاها، إذا كان متحالفا مع هذا أو ذاك"، لافتا الى انه "لو كانت هناك معركة سيادية جدية كنا لنكون في الطليعة. ولكن من جهة لا معركة على هذا الصعيد تحصل والكل ينسق مع الكل في نهاية المطاف، وبالتالي لماذا لا نقوم بتحالفاتنا ونحاول أن ندعم الخط السياسي الذي نؤمن به".
وأضاف: "إن دعمنا لترشيح العماد عون سيصب على المدى المتوسط حكما في مصلحة التيار السيادي وليس العكس. وأكبر دليل أنه، للمرة الأولى منذ عشرة أعوام، وبعد تحالفنا مع العماد عون نجد أن "حزب الله" لم يصوت معه في أماكن معينة. وهذا ما رأيناه في الإنتخابات البلدية في زحلة وسن الفيل".
وفي حين اشار الى ان "حزب الله" لا يريد العماد عون رئيسا "لأنه كيفما دارت الأمور، المسيحيون يريدون بناء دولة فعلية في لبنان وهذا أمر لا يناسب الحزب"، لفت الى ان الحزب "في المطلق لا يريد رئيس جمهورية في الوقت الحاضر، ولكن إذا حُشر فهو يختار النائب سليمان فرنجية".
وقال ردا على سؤرال آخر: "هناك مشكلة في الشراكة، نعم، ولكن ليس مع طرف معين. وثمة مشكلة في السيادة ولكن مع طرف محدد هو "حزب الله". أما بالنسبة الى أزمة الشراكة فهي عامة، من الكل الى الكل، ومع الكل". وأضاف: "هنا أستحضر أيام الوصاية السورية التي "طقت ظهر" المسيحيين من خلال نفي العماد عون وزجي في الإعتقال. وهذا أوجد فراغا في السلطة تقاسمه الأفرقاء الآخرون، من "أمل" الى "التقدمي" و"حزب الله" و"تيار المستقبل". وحين وصلنا الى العام 2005 كان بديهيا أن يستعيد المسيحيون مواقعهم وكنتُ آمل من الفريق السيادي خصوصا سواء في ما خص قانون الإنتخاب أو غيره أن يتنبه لهذه المسألة. وحتى الفريق غير السيادي لم يراع هذه المسألة، ومن هنا يمكن مثلا فهم الصراع الكبير القائم أحيانا علنا وأحيانا في شكل مكتوم بين التيار الحر وحركة أمل والذي في رأيي يقف وراءه حزب الله. وهذه إشكالية يجب إيجاد حلول لها وفي تقديري أنها على طريق الحل".
وقال ردا على سؤال: "هذا ليس صحيحا. اليوم يمكن "تيار المستقبل" أن يكون عابرا للطوائف إذا كانت لديه قواعد عند المسيحيين، أي أنه لا يمكنه بقواعد سنية فقط أن يأخذ حصص طوائف أخرى. وإذا أراد أن يكون عابرا للطوائف فعليا فيجب أن تكون عنده قواعد عند المسيحيين، ولا مانع لدينا إطلاقا في ذلك. وكما أن هناك سنة يحبون "القوات اللبنانية"، يمكن أن يكون هناك مسيحيون يؤيدون "المستقبل"، فهذا أمر لا يمكن أن يعترض عليه أحد بل هو مطلوب. الإعتراض هو على قانون إنتخاب معتور يسمح لأي فريق بأن يأخذ حصصا في طوائف أخرى ويسمي نفسه عابرا للطوائف".
واضاف: "مثلا في البقاع الشمالي هناك مجموعة مسيحية كبيرة ممثلة بإميل رحمة، ومجموعة سنية ممثلة بكامل الرفاعي، هل هذا معقول؟ وهل هذا تمثيل صحيح؟ لأن قانون الإنتخاب سمح بذلك. وإذا صححنا ذلك هل يكون تقوقع طائفي؟ واليوم إذا "تيار المستقبل" جاء وخاض معركة في كسروان وفاز بنائب فيها أو في المتن الشمالي أو حتى بشري او البترون أنا كليا مع ذلك، ولكن لست مع أنه في دائرة فيها 90 في المئة سنة أن ينبري نائب مسيحي ويقول أنا عابر للطوائف. وما أقوله عن "تيار المستقبل" ينطبق أيضا على "حزب الله" و"أمل" والتقدمي الإشتراكي".
واذ اعتبر ان "القانون المختلط الذي تفاهمت عليه "القوات" مع المستقبل والإشتراكي "يؤمن "الخلطة" الصحيحة"، شدد على "أننا سنبقى نتابع الأمر حتى إقرار قانون جديد. أما متى نصل الى ذلك، بعد أسبوع، بعد شهر، أو 3 أو 6 أو سنة أو سنتين، في النهاية لا مفر من قانون جديد".
وأضاف: "أكيد لن نقبل بتمديد جديد للبرلمان، ولكن الأكيد أيضا أننا لن نترك شيئا يمكن القيام به لإقرار قانون جديد".
ورأى ان مبادرة الرئيس نبيه بري وطاولة الحوار هي في سياق "تقطيع الوقت ليس إلا"، معلنا "ان لا شيء في الأفق حاليا إلا إذا نجحنا في إخراج الإستحقاق الرئاسي من التعطيل، وإلا توجب إنتظار موعد الإنتخابات النيابية التي لا مفر منها".
قيل له: ولو بلا رئيس؟ رد: "نعم، إذ ماذا نفعل عندها".
وقال: "خلال شهرين أو ثلاثة إذا لم يحصل أي إختراق في الإنتخابات الرئاسية يمكن التفكير في قانون إنتخاب جديد وإنتخابات مبكرة. ولكن الى أي حد مبكرة؟ قبل 6 أشهر مثلا؟ فليكن، شرط أن يذهب الجميع الى إنتخاب رئيس بعدها.
وأي إنتخابات مبكرة يجب أن تكون مقرونة بإلتزام واضح من كل الأفرقاء بأن يتم إنتخاب رئيس للجمهورية في أول جلسة للبرلمان الجديد".
وشدد على ان "المصارف اللبنانية مضطرة الى التعمل مع قانون العقوبات الأميركي على "حزب الله" إيجابا "لأن المجال النقدي الدولي واحد"، قائلا: " لا أحد منا يستطيع أن يتمرجل على الآخر، "ما بدها مرجلة"، فالنظام النقدي واحد في كل العالم، يمكن المرء الخروج منه إذا أراد لكن مصيره سيكون الموت على قارعة الطريق. وإذا كنا جزءا منه فعلينا التقيد بالأنظمة النقدية، والعقوبات واحدة من متفرعاتها. وتاليا المصارف اللبنانية تتصرف على هذا الأساس ولا يمكنها أن تفعل أي شيء آخر إلا بقاءها تحت مراقبة مصرف لبنان، بمعنى تجنب قيام أي مصرف بالتصرف بمفرده"، مضيفا: "الخيار اليوم ليس تطبيق العقوبات أم لا، بل الخيار هو هل يبقى القطاع المصرفي أو لا، وتاليا إذا إنهار هذا القطاع فلن يكون في وسع "حزب الله" حتى فتح أي حساب مطلقا، وتاليا يصيب الضرر، الذي يقتصر عليه الآن، كل بيئته الحاضنة وكل لبنان".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك