وحدها مصر، تمكنت رغم مرور أكثر من سنة على ثورتها، من الإبقاء على أخبارها وتظاهراتها التي لا تنتهي، ضمن أولويات الأحداث والأحاديث. فالثورة تبعتها ثورات، واحتشاد المحتجين في ميدان التحرير المشهور بات فعلا يوميا وحدثا اعتياديا، أفقد الثوار، شاؤوا أم أبوا، رونق احتجاجاتهم وإنجازاتهم.
غير أن الخبر الجديد في اليوميات المصرية، فرض نفسه بقوة ليس فقط في الصحف ووسائل الاعلام إنما تحول أيضا الى موضوع مناقشة في مجلس الشعب.
فقد اثارت مقالة نشرها عمرو عبدالسميع في صحيفة "الاهرام" يوم الثلاثاء، وقبلها مقالة محمود نافع المنشورة في 19 نيسان في "الجمهورية" المصرية، ايضا، بعنوان "مضاجعة الوداع" جدلا كبيرا في مختلف الاوساط المصرية، اذ كُشف في المقالتين عن اقتراح قانون تقدم به احد نواب التيار السلفي، ويدعى الحاج احمد تبنى فيه فتوى الشيخ المغربي عبدالباري الزمزمي بشأن ما اسماه" مضاجعة الوداع" وفيها يسمح للزوج بمعاشرة زوجته المتوفاة خلال الساعات الست الاولى من موتها كما يسمح للمرأة بممارسة الفعل نفسه مع بعلها الميت.
الجدل لم يقتصر على مصر وحدها, بل دخلت صحيفة"حرييت" التركية على الخط وعلقت على هذه القضية الغريبة بينما نشرت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية تقريرا نقلت فيه، بعض ما ورد في القانون المقترح، ومنها خفض سن الزواج عند الفتاة الى 14 عاما وعدم فرض التعليم والتوظيف على المرأة.
وفيما يحاول بعض رموز التيار الاسلامي المصري سحب الاضواء عن هذه القضية مع نفي الاقتراح سارعت رئيسة المجلس القومي للمرأة في مصر الدكتورة ميرفت التلاوي الى ارسال كتاب مفتوح الى رئيس مجلس الشعب سعد الكتاتني تطلب فيه رفض هذا الاقتراح وعدم ادراجه على جدول اعمال المجلس الا ان الكتاتني المحسوب على جماعة الاخوان المسلمين لم يرد على كتاب التلاوي.
وتسود حالة من الغضب والضيق شريحة كبيرة من المصريين الذين علموا بهذا الاقتراح المتوقع ان يناقشه مجلس الشعب بما يعرف بـ"قانون مضاجعة الوداع" وهو الذي تعود جذوره إلى فتوى اصدرها رئيس الجمعية المغربية للدراسات والبحوث في فقه النوازل الشيخ عبد الباري الزمزمي في 11 أيار العام الماضي وقال فيها:" إن الدين الإسلامي يبيح ممارسة الجنس على الجثث, بشرط إذا كان الطرفان يربطهما عقد القران قبل الموت, وان لا حرج إذا أراد الزوج ممارسة الجنس مع جثة زوجته بعد ساعات من موتها"، معتبرا" أن الدين الإسلامي لم يحرم ذلك على الأزواج، مبررا موقفه "بان الزوجة حلال لزوجها حتى بعد مماتها, وأن الموت لا يفسخ العلاقة الزوجية, باعتبار أنه جاء في القرآن أن الزوج والزوجة يمكن أن يكونا في الجنة معا, أي بعد الموت".
إلى ذلك، رفضت مصادر في البرلمان المصري الضجة الإعلامية المثارة بشأن "مضاجعة الوداع"، وفي اتصالات لصحيفة "الشرق الأوسط" أجرتها مع عدد من النواب والمختصين، أوضح النائب هشام أحمد حنفي، وكيل لجنة الاقتراحات والشكاوي بمجلس الشعب أن "اللجنة لم يصلها أي مشروعات قوانين في هذا الشأن، ولم يتم عرض الأمر عليها"، مؤكدا أن "هذه الضجة عارية تماما عن الصحة، وأن الهدف من ورائها هو تشويه صورة البرلمان".
من جهته، أوضح النائب عن حزب "البناء والتنمية" أشرف عجور، أنه "لم تتم مناقشة هذا الأمر في البرلمان، ولم يسمع عنه إطلاقا حتى بين النواب".
واتفق معهما أمين اسكندر النائب عن حزب "الكرامة"، مؤكدا أنه "لم يسمع عن مشروع قانون بهذا الخصوص"، لكنه لفت إلى أن "المناخ العام في البرلمان يسمح بتناثر مثل هذه الشائعات، خصوصا بعد التقدم بمشروع قانون يطالب بخفض سن الزواج للفتيات من 18 إلى 14 عاما، ومشروع قانون آخر يطالب بتطبيق حد الحرابة على البلطجية، وهي مشاريع خطرة وتثير البلبلة والمخاوف داخل المجتمع"، على حد تعبيره.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك