كان يمكن للحرب الدائرة في اليمن أن تكون حدثاً في بلدٍ بعيد لا يتأثّر به لبنان. إلا أنّ جمهوريّتنا تملك مغناطيساً لجذب انعكاسات الأزمات إليها، وإن حملت هذه الأخيرة في بلدٍ بعيد فلا بدّ أن تلد في ربوعنا.
إلا أنّ تأثير هذه الأزمة لا يقتصر فقط على الحوار بين "المستقبل" و"حزب الله" ومحاولة تنفيس الاحتقان السنّي الشيعي، الذي عاد ليبلغ أوجه في الساعات الثمانية والأربعين الأخيرة، بل يمكن أن ينسحب أيضاً على الاستحقاق الرئاسي الذي يعاني من شغورٍ مستمرّ.
ففي زمنٍ تسعى فيه الغالبيّة الساحقة من المرشّحين الى الرئاسة للظهور بصورة "المرشح التوافقي"، يبرز الحدث اليمني وامتداداته الإقليميّة التي تشمل دولاً مؤثّرة على الملف الرئاسي ليشكّل حرجاً لهؤلاء المرشّحين الذين التزموا الصمت، حتى الآن، حيال ما يحدث في اليمن.
فإن قام أحد هؤلاء المرشّحين بتأييد المملكة العربيّة السعوديّة وحلفائها في التحالف العربي - الإقليمي سيخسر تأييد المحور الذي تتزعّمه إيران في معركته الرئاسيّة. وإن استنكر عمليّة "عاصفة الحزم" وأبدى تعاطفاً مع الحوثيّين الذين أطاحوا بالرئيس عبد ربه هادي منصور، سيخسر حتماً الدعم السعودي الذي يحتاجه لمواصلة مشوار الترشيح وتحقيق حلم السكن في قصر بعبدا.
فهل سيخرج مرشّحو "التوافق" عن صمتهم الإلزامي ليعبّروا عن موقفهم الصريح بالحرب الإقليميّة التي تشهدها سماء اليمن، وربما برّها قريباً، أمّ أنّهم سيلتزمون مقولة "السكوت من ذهب"، وفي حالتنا اللبنانيّة "من رئاسة"!
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك