هل هناك فعلاً مؤشرات إيجابية في التفاوض الغربي الايراني حول البرنامج النووي؟ وكيف يتجلى ذلك، وما الانعكاسات على أوضاع المنطقة ومن بينها لبنان، العالق في انتظار التطورات الخارجية؟
تؤكد مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، أن هناك حلحلة فعلية في التفاوض، وأن كل الأفرقاء المعنيين مباشرة بالمسألة يعملون على أساس أن اتفاقاً مبدئياً سينجز بنهاية آذار الجاري.
وتشير المصادر الى أنه على الرغم من الإيجابية، هناك مسائل لا تزال عالقة لا سيما القضية الأساسية وهي خفض معدلات تخصيب اليورانيوم، بحيث لا يعود بالإمكان أمام إيران إنجاز القنبلة الذرية لا حالياً ولا في أي وقت في المستقبل، لكن الإيجابية هي في حركة التفاوض والتقدم البسيط الذي أنجز والذي لم يكن يحصل منذ مدة طويلة من التفاوض، والتنازل المتبادل بين الغرب وإيران والمرونة الإضافية في مقاربة التفاوض والعقوبات، الآن هناك مرحلة من الانتظار ستمتد على مدى الأسابيع الثلاثة المتبقية من آذار، وحيث لا تفاصيل حالياً عن التقدم البسيط الذي أُحرز، إنما يسجل تقدم في نتائج المحاولات للتوصل الى نقاط مشتركة، وأفكار يرضى عنها الطرفان الغربي والإيراني.
إذا لم يحصل الاتفاق المبدئي الآن حول الاتفاق النهائي، فيعني أنه من الصعب حصوله في وقت مقبل، ويعني أن السعي سيفشل لاحقاً، إذ إن التفاوض استنفد كل النقاشات منذ ما يقارب السنتين تقريباً وبات كل طرف يدرك ماذا يريد الطرف الآخر، والخطوط الحمر التي يتمسك بها. حالياً شهر آذار مرحلة حاسمة، ويجب على إيران اتخاذ قرار سياسي كبير حول التخلي عن النووي مقابل إزالة العقوبات الدولية كلها عنها.
أي أن هناك ضغوطاً على إيران من الغرب ومن الولايات المتحدة تحديداً، الكونغرس الأميركي ينتظر فقط حتى 31 آذار، بحيث إنه إذا لم يحصل اتفاق، سيفرض عقوبات جديدة على إيران، كذلك هناك ضغط داخل إيران في ظل أن فريقاً متشدداً لا يريد هذا التفاوض ويتساءل الى أي مدى سيستمر هذا التفاوض من دون نتيجة. ما يعني أن الطرفين الغربي والإيراني لا يمكنهما البقاء في عملية التفاوض طويلاً، من دون التوصل الى اتفاق.
بالنسبة الى قضايا المنطقة، الآن وفي مرحلة التفاوض، ليس هناك من نقاش حولها. لكن الجديد هو انه تقرر عندما يتم الانتهاء من التفاوض حول النووي، سينطلق التفاوض حول المنطقة. في السابق لم يكن مؤكداً أن حصول أي اتفاق حول النووي يحتم فتح نقاش حول قضايا المنطقة. إنما الحلول لن تأتي بين ليلة وضحاها. والسبب أن كل طرف لن يتخلى عن مكتسباته ومصالحه من أجل الاتفاق حول النووي. أي أن الغرب كما إيران، ومن أجل إنجاز الاتفاق حول النووي، يريدان حفظ مصالحهما، ما يعني، وفقاً للمصادر، أن الخلافات ستبقى قائمة. الفرق هو أنه بوجود الاتفاق حول النووي، يعني أن هناك حواراً مفتوحاً بين الطرفين الغربي والإيراني على قضايا المنطقة. لكن السؤال: «هل سيؤدي إلى نتيجة أم لا؟». لن تقوم إيران بالتخلي عن مصالحها، ولا الغرب سيتخلى عن مصالحه.
العوامل المساعدة في الحوار حول الحلول، في مقدمها إنجاز مهم، هو أن الفريقين يكونان قد وضعا مشكلة النووي على سكة الحل، وتكون إيران قد تنفست من جراء رفع تدريجي للعقوبات الدولية عنها. لكن قضايا المنطقة تحتاج الى حوار يمكن ان ينطلق بعيداً عن النووي والعقوبات. هناك احتمالات في الحوار، أبرزها، الحوار حول مصالح الطرفين، أو إيجاد قواسم مشتركة، هذا قد يحصل وقد لا يحصل، ثم هناك الأخذ والعطاء.
الغرب يعتبر، بحسب المصادر، أن لإيران بعد الاتفاق النووي دوراً في المنطقة، لا سيما وأنها تكون قد خرجت من عزلتها. إنما دورها يجب أن يكون إيجابياً. أي أولاً أن تلتزم بكل قرارات مجلس الأمن، والاتفاقات الدولية حول منع انتشار السلاح النووي، ثم ثانياً، أن توقف دعمها للمنظمات المسلحة التي تقوم بعمليات إرهابية. وثالثاً التعاون مع دول الجوار، من دون أن تتدخّل في شؤونها الداخلية، عندها قد تدعى إلى الاجتماعات الإقليمية، ومنها الاجتماعات ذات الصلة بالحل في سوريا مثلاً. مع الإشارة إلى أن الحل المطروح لسوريا هو حل سياسي يأخذ المتغيرات في الاعتبار، مع حفظ مصالح الأطراف الدولية وإيران، وفي هذه الحالة إذا طبقت إيران كل المتطلبات الدولية منها، سيصار الى السماح لها بالمشاركة في بحث مصير الرئيس السوري بشار الأسد. وهذا لا بد أنه سيحصل في مرحلة لاحقة.
الأهم بالنسبة إلى الدول حيال سوريا مسألتان هما الحفاظ على أجهزة الدولة، ومصير الأسد.
كما سيتم بحث غربي مع إيران، لاحقاً، بنفوذها في لبنان وتداعيات ذلك، ومواضيع العراق، والتعاون مع دول الخليج، والأمن في المنطقة والاستقرار فيها، فضلاً عن اليمن والبحرين.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك