لم تعد ظاهرة قطع الطرق، في بلد مثل لبنان، أمرا جديدا أو مستغربا... فعجز الدولة عن ايجاد الحل المناسب لاي ملف أمني، اجتماعي أو اقتصادي يواجه دائما بقطع طرق في مختلف المناطق.
أن يخشى أهل أن يكون حان موعد ذبح ابنهم على يد خاطفين ارهابيين، عيب وحرام. أن يترك موظف بانتظار سلسلة كان يفترض أن تقرّ منذ سنوات، بلطجة وسرقة.
لكن أن تقطع طريق على يد من يقطع شجرة خضراء ومن يشوّه بيئة، فهي مسخرة ووقاحة ما بعدها وقاحة.
لم يقتصر قطع الطرق في لبنان أمس على أهالي العسكريين المخطوفين أو موظفي مؤسسة كهرباء لبنان، بل شمل أيضا أصحاب مقالع وكسارات والسؤال: لماذا يقطعون الطرق؟ هل هو الاحتجاج على النزف المتواصل للأحراج اللبنانية في ظل استمرار الفلتان المقنّع بتراخيص استنسابية علنية ورقابة تائهة بين أزقة الوزارات والأجهزة الأمنية؟ أم أن الاحتجاج هو على التراخيص التي لا تزال تعطى حتى اليوم تارة من القائمقام وطورا من المحافظ أو من وزارات أخرى غير وزارة البيئة؟
لا يخفى على أحد أنّ واقع المرامل والكسارات في لبنان تخطى الخطوط الحمراء، وأنّ هناك نوعاً من التغطية والفساد المستشري في تطبيق القوانين والتنظيم، فالبعض يحصل على تراخيص بتغطية سياسية والبعض الآخر يعمل من دون ترخيص أصلا، كما أن هناك صورا تظهر عمل الكسارات والمرامل وفي داخلها سيارة لقوى الأمن الداخلي تقوم بدوريّة وهميّة وتعود الى مركزها من دون اتخاذ أيّ اجراءات، فهل هناك مهزلة أكثر من ذلك؟
قرّر موقع الـmtv الالكتروني تسليط الضوء على هذه القضية التي تهدد بلدنا بتغيير جيولوجي، فقام بزيارة مركز حزب الخضر اللبناني واستحصل على صور وثّقت المخالفات في هذا الملف. وأكدت رئيسة لجنة الاعلام في الحزب المهندسة ماري تريز مرهج سيف أنّ الحزب مستمر في محاربة المخالفات البيئيّة، لافتة الى أنّ الرقعة الخضراء هي العنصر الأساس في إعادة الروح الصحية والبيئية والسياحية والاقتصادية إلى لبنان، مشدّدةً على أنّ القانون يجب أن يطبّق على الجميع، كما يجب وقف منح الغطاء السياسي للمرامل والكسارات غير القانونيّة.
ورأت سيف أن وضع لبنان البيئي مزرٍ وهو يحتاج الى توعية لأنّ الطبيعة اللبنانيّة دخلت مرحلة التشويه النهائي.
وقالت: "نحن بحاجة الى رمل وبحص، ولكن ليس بهذا الشكل الهمجي وغير المدروس، ففي بلدان العالم كلّها تقريباً تعمل الكسارات وفق قاعدة استخراج الرمول والبحص بطريقة تمكّن من إعادة التشجير والحفاظ على جمالية الطبيعة ومواردها".
ويبقى تحقيق ما يطمح إليه الناشطون البيئيّون مرهوناً بإرادة سياسيّة يجب الاسراع في ترجمتها قبل فوات الاوان، فإلى متى يبقى الملف البيئي رهن المواقف السياسيّة والمصالح؟ سؤال نضعه برسم المعنيّين، علّهم يدركون أنّ المصلحة العامة فوق كلّ اعتبار وأنّ أجدادنا تركوا لنا إرثاً غنيّاً، أمعنّا في تشويهه واستنزافه، غير آبهين بحقوق جيل المستقبل، وبصورة وطن يحرقه بعض أبنائه آلاف المرات يوميّاً.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك