أبعد من الاهداف السياسية العامة التي نقلت المستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا لبيروت ورئيس الحكومة سعد الحريري للرياض، رسالة سعودية واضحة المعالم حرصت المملكة على تظهيرها من بيروت وتحديدا من مقر الرئاسة الثانية في عين التينة التي اطلق منها العلولا موقفا لافتا في اعقاب لقائه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، اذ وصفه بـ"قامة وطنية تبعث الأمل والتفاؤل في لبنان"، اما عنوان الرسالة فيتمثل في ان السعودية ليست ضد الشيعة كما يحاول البعض تصوير الامور في لبنان بل ضد حزب الله الذي يخدم مصلحة ايران الاقليمية ويقدمها على مصلحة لبنان ويقوّض لاجلها مشروع قيام الدولة القوية الذي تدعمه المملكة.
والرسالة السعودية، وفق ما تقول مصادر سياسية مطلعة لـ"المركزية" وصلت كما يجب الى رئيس السلطة التشريعية الذي، على رغم معرفته بموقف حليفه حزب الله من العودة السعودية الى لبنان، بدا بعد الزيارة مطمئناً ومرحباً بالضيف ومطلعاً على برنامج زياراته المستقبلية للبنان. اذ قال بعدما وصف اللقاء بالودي ان "سعادته سيغادر اليوم لكنه سيكمل لقاءاته في لبنان لدى عودته لبيروت وقد اضطر للمغادرة لمرافقة الحريري".
فالاهتمام السعودي يتركز في لبنان راهنا على أولويتين: اعادة تجميع القوى السيادية العابرة للطوائف للتأسيس لمشروع قيام الدولة القوية القادرة بدءا من التزام سياسة النأي بالنفس فعلا وقولا، وهو ما يتطلب عمليا إعادة احياء مشروع 14 آذار الذي ما زال حاضرا بقوة على المستوى الشعبي بعدما انفرط عقد تحالفات قادته السياسيين لمنع الفريق المناهض لهذا المشروع بزعامة حزب الله من ان يدير دفة شراع السلطة في اتجاه الجمهورية الاسلامية، وإعادة ترتيب البيت السني الذي شلذعته رياح الانقسامات لاسباب لا يجهلها اي لبناني.
وتضيف المصادر ان الدفع السعودي في هذا الاتجاه لا يعني في اي شكل اعادة الانقسام العمودي الذي حكم المرحلة السياسية حتى ما قبل "التسوية الرئاسية" ولا تعريض الاستقرار الداخلي للخطر لانها اكثر الحريصين عليه، بل اقناع حزب الله وليس الطائفة الشيعية بوجوب الانخراط في منظومة الدولة ووقف الممارسات الفوقية الاعتباطية التي تقفز فوقها عند كل" امر يصدر من جمهورية ولاية الفقيه" ولو كان يلحق الضرر بلبنان. من هنا، ترى المصادر، جاءت زيارة العلولا للرئيس بري ومن يعنيهم الامر في لبنان وخارجه، تأكيدا على ان بلاده لم ولن تناصب العداء للشيعة في لبنان ولا في اي بلد آخر، انما لأي حزب ينفذ اجندة ايران التوسعية في البلدان العربية لضرب الاستقرار تمهيدا لقلب الانظمة ووضع اليد عليها تنفيذا لحلم الثورة الايرانية التَمددي نحو العمق العربي الاستراتيجي.
وتؤكد ان الرئيس بري الذي يشكل امتدادا للفكر الشيعي المعتدل من خلال موقعه في رئاسة حركة "امل"، وعلى رغم تحالفه مع حزب الله، لا يزال يمثل الاعتدال الشيعي الذي تحاربه ايران في كل مكان وتحاول اقتلاع الأفكار السلمية والواقعية والعصرية في صفوفه ومؤسساته الدينية خدمة لعقائدها الخاصة وسياساتها المعروفة.
وتدعو في السياق الى ترقب ردة فعل حزب الله، الصامت حتى الساعة، على رغم امتعاضه من العودة السعودية الى لبنان، خصوصا انه على يقين بأن ما قبل هذه العودة لن يشبه ابدا ما بعدها.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك