قد نختلف مع حزب الله حول أمرٍ أو اثنين أو مئة. قد يخرج من بيننا من ينتقد الحزب على تغطية فسادٍ أو فاسدين. يبقى الأمر هنا في إطار الاختلاف السياسي. وقد يهاجم فريقٌ سياسيٌّ لبنانيٌّ الحزب على فائض قوّة أو سلاح يملكه، ويستخدمه أحياناً في غير الموقع الملائم، برأيهم. يحصل ذلك كلّه، وقد بات أمراً مألوفاً في الحياة السياسيّة اللبنانيّة. أما ما يحصل اليوم فهو "غير قصّة"...
حين تُخاض حربٌ مع تنظيمات إرهابيّة، مثل "داعش" و"النصرة" ومن يوازيهما إرهاباً، لا بدّ أن نكون مع الفريق الآخر. ولا بدّ، أيضاً، أن نتذكّر من سقطوا في التفجيرات التي استهدفت لبنانيّين أبرياء في الضاحية الجنوبيّة. ولا بدّ، خصوصاً، أن نتذكّر الشهداء من العسكريّين الذين ذُبحوا على أيدي هؤلاء الإرهابيّين، ومن ما يزال مفقوداً من بينهم، منذ سنوات عاش فيها أهلهم مرارةً ما بعدها مرارة. والدولة لا حول لها ولا قوّة لاسترداد من خُطف.
نتذكّر هؤلاء جميعاً، ونحن نجلس على أريكةٍ مريحة في منازلنا، في برودة المكيّف، نتابع الأخبار العاجلة ونشاهد الفيديوهات من أرض المعركة التي تخاض في الجرود ويسقط فيها شهداء يحملون، مثلنا، جنسيّات لبنانيّة. شبّانٌ يمضون الى موتٍ أو الى شللٍ أو ندوبٍ تملأ أجسادهم الفتيّة، ونحن نغرّد عبر "تويتر" وننظّر على "فايسبوك"، وما أشبهنا في ذلك ببعض العرب. يكثرون من الكلام ويقلّلون من الأفعال. لا الكلام قضى على "النصرة" ولا أعاد عسكريّاً مخطوفاً من "داعش".
قد نختلف مع حزب الله أحياناً، وقد ينتقده بَعضُنَا أحياناً، وهذا حقّ. ولكن، حين يسقط للحزب مقاتلٌ في حربٍ مع الإرهاب، فهو شهيدٌ. وحين نُخيّر بين السيّد حسن نصرالله وبين أبو مالك التلي فلن نتردّد في الاختيار، لا بل لن نقبل بمجرّد المقارنة.
غداً أو بعده، أو في الأيّام القليلة المقبلة، سنحتفل بالقضاء على الإرهابيّين في الجرود، وعلى إراحة عرسال منهم، وسنحتفل أيضاً بما حقّقه الجيش الذي يقف بالمرصاد للمتسلّلين.
غداً أو بعده، أو في الأيّام القليلة المقبلة، سترتاح أمّ علي البزال وأمّهات الشهداء العسكريّين الذين ذُبحوا على أيدي إرهابيّي "النصرة".
غداً أو بعده، أو في الأيّام القليلة المقبلة، سيصلكم من الـ mtv خبرٌ عاجل يعلن مقتل أبو مالك التلي. كأنّنا في هذا الخبر المنتظر نقول "... وانضمّ آخر الى مزبلة التاريخ".
والطمرُ، هذه المرّة، في جرود عرسال.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك