فيما المبادرات الدولية تجاه لبنان لم تَعُد موضع انتظار من قِبَل الشعب اللبناني، وبينما التجاذبات الدّولية حول كلّ ما يحصل في الشارع اللبناني تبدو غير قادرة على تحقيق استفادة لهذا الطرف الداخلي أو ذاك، يظهر أننا دخلنا حالة "ستاتيكو" لا تشبه ما كان يحصل خلال سنوات أزمات سابقة.
ففي عودة بسيطة الى الوراء، نجد أن الولاية الممدّدة للرئيس الأسبق إميل لحود بدأت "رخوة"، وانتهت بمقاطعة دولية كاملة لقصر بعبدا، ولا سيّما بعد حرب تموز عام 2006، ولكن دون أي مساس بالأوضاع الإقتصادية والمالية للبنان، وحتى دون عقوبات.
أما الوضع الراهن، فهو أشدّ خطورة، وسط استمرار الإعتراف الدولي بشرعيّة رئيس الجمهورية ميشال عون، وشرعية باقي الرؤساء، ولكن بمعيّة التركيز على تحقيق مطالب الشعب اللبناني، في شكل لا يُطلق رصاصة الرّحمة. كيف؟
رصاصة رحمة...
يُمكن للمجتمع الدولي أن يذهب في الأبعد، الذي يُمكنه إخراج لبنان من "ستاتيكو" المراوحة غير المنتجة، من خلال خطوات تحشر شرعية السّلطة اللبنانية، دولياً، في الزاوية، وتجعل الأطراف اللبنانية الحاكمة تشعر "بالسّخن"، ولكنه (المجتمع الدولي) لا يفعل ذلك. فيما لا يقوم (المجتمع الدولي) بملموسات تساعد الشارع اللبناني، "على النار". وبالتالي، تبقى المراوحة سيّدة الموقف، وسط عودة الزيارات والرسائل الدولية الموجّهة الى هذا الطرف اللبناني أو ذاك.
ملفت جداً أن البيان الذي وزّعه أمس المكتب الإعلامي للمنسّق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش، والذي تناول فيه اجتماع الرئيس عون مع مجموعة الدّعم الدولية من أجل لبنان، أخذ من كلمة رئيس الجمهورية التي وجّهها الى اللّبنانيين في 31 تشرين الأوّل، في الذكرى السنوية الثالثة لانتخابه رئيساً، ما يتعلّق بأن "يكون الاعتبار الوحيد للحكومة الجديدة هو تلبية تطلّعات الشعب، وأن تحظى بثقته أولاً قبل ثقة مجلس النواب، بهدف استعادة ثقة الناس بدولتهم، وأن يتمّ اختيار الوزراء بناءً على الكفاءة".
وبين دعم الشارع، دون إيلام السّلطة، وسط تفاوت في المواقف الأميركية والفرنسية والروسية حول تشكيل حكومة تكنوقراط، كيف يُمكن رؤية مستقبل الأمور وتطوّرها؟
تفويض؟
شدّد سفير لبنان السابق في واشنطن رياض طبارة على أن "المجتمع الدولي يركّز حالياً على ضرورة احترام إرادة الشارع اللبناني، ولا سيّما في ما يتعلّق بتشكيل حكومة تكنوقراط مستقلة تقوم بمعالجة الوضع الإقتصادي والإجتماعي بسرعة، وتحضر لقانون انتخاب جديد، تمهيداً لانتخابات مبكرة خلال فترة قصيرة".
وأشار في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" الى أن "بعض المعطيات الدولية تشير، بما يختلف مع بعض التسريبات، الى أن الأميركيين فوّضوا الفرنسيين بحلّ القضية اللبنانية، بالإضافة الى أنهم سلّموا العرب مسألة البحث في تفاصيل الحلّ، لكي لا يُقال إن واشنطن تتدخّل في الشؤون اللبنانية".
عصي في الدواليب
ورداً على سؤال حول مواقف روسيا من رفض حكومة التكنوقراط، ومصلحة موسكو باستعداء الحَراك الشعبي، رغم أن كل المؤشرات تقول إن من ينوب عنه (الحَراك) سيكون في المشهد السياسي اللبناني مستقبلاً، أجاب طبارة:"النظرة الى المواقف الروسية ممّا يحصل حالياً في لبنان لا تخرج من إطار أن الروس يضعون العصي في دواليب الغربيين".
ولفت الى أن "الروس ليسوا فعّالين كثيراً في الملف اللبناني حالياً. قد يتمتعون ببعض "المَوْنة" على "حزب الله"، ولكن دورهم معه ليس مثل الإيرانيين".
وأضاف:"حجة من يرفض تشكيل حكومة تكنوقراط فقط تتركز على مسألة أن هذا النوع من الحكومات لا يمكنه أن يحلّ المشاكل. ولذلك، يتمّ الحديث عن حكومة تكنو - سياسية، تقوم على عمل تكنوقراطي مدعوم من الكتل السياسية الفاعلة في لبنان".
وختم:"مهما كانت الأمور، فإن بعض المعطيات تؤشر الى مخاوف من أن تظلّ حكومة التكنوقراط مكبّلة بالسياسيين. ولذلك، يركّز من يطالبون بالحكومة التكنو - سياسية على أن السياسيين، سينحصر دورهم في الحكومة الجديدة، بفتح الباب وتسهيل درب العمل التكنوقراطي".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك