وضعت قناة «إم تي في» اللبنانية في صدر نشرتها الإخبارية، مساء الثلاثاء، ترجمة لتسجيل تلفزيوني من دقيقتين، تحدثت فيه رئيسة وزراء نيوزيلندا، جاسيندا أرديرن، عما حققته حكومتها خلال العامين الماضيين. وكان واضحاً بالطبع أن المقصود هو المقارنة بين الأعمال التي أنجزتها هذه السيدة الرائعة والكلام الفارغ الذي تكرره الحكومات اللبنانية، مليئاً بالفصاحة والبيان، خالياً من ذكر أي عمل حقيقي.
قالت السيدة أرديرن لشعبها إن حكومتها خلال عامين أوجدت 92 ألف فرصة عمل، وأقرت قوانين حظر حمل السلاح، وبنت 2200 منزل للفقراء، وحظرت استخدام البلاستيك، وزرعت 140 مليون شجرة، وجندت 1600 ضابط شرطة، وفرضت قانون صفر تلوث، وألزمت الدولة بتوزيع وجبات مجانية للمدارس، ورفعت رواتب الممرضات والمدرسين والشرطة.
تناقل المعجبون حول العالم هذا الفيديو القصير على نحو قياسي، لكن لسبب واضح بلغ التناقل ذروته في لبنان. فقبل أيام، كان الوزير جبران باسيل قد ألقى خطاباً حول إنجازات الحكومة، ذكر فيه أنه خفض أسعار «السيلولير»، أي الهاتف الجوال، وبدأ البحث عن النفط في البحر، وأقر قانوناً انتخابياً جديداً.
رويت لجنابكم، في حينها، قصة رجل نيوزيلندي تعطلت سيارته في أحد الشوارع في العاصمة، فترجل منها، وخرج إلى أقرب منزل يقرع بابه؛ فتحت له سيدة حامل، فقال لها: «هل أستطيع أن استخدم هاتفكم من أجل طلب النجدة؟». سألته: «ما الأمر؟»، فشرح لها أن سيارته تعطلت، ولا يعرف سبباً. وضعت السيدة معطفها، وخرجت معه قائلة إن «لي بعض الخبرة في السيارات، فدعنا نجرب قبلاً، لعلنا نصلحها». جربت، ولم تنجح، فعادت إلى المنزل تطلب الطوارئ. شكرها الرجل بامتنان شديد، قائلاً: «لن أنسى هذه الخدمة في حياتي، ولكن هل لي أن أتشرف بمعرفة اسمك؟»؛ ضحكت قائلة: «هل يعقل أنك لا تعرف رئيسة الوزراء؟».
تحولت جاسيندا أرديرن إلى شخصية عالمية، عندما اتخذت ذلك الموقف النبيل حيال المجزرة التي قام بها مجنون أسترالي في مسجدين من منطقة كرايستشيرش. يومها، منعت نشر صوره في الصحف والتلفزيون، وقالت إن هذا النوع من المرضى يرتكب المقتلات الكبرى طلباً للشهرة والدعاية، له ولجماعاته الفاشية التي ينتمي إليها، والدولة سوف تحرمه من كل ذلك. وسارعت إلى وضع القوانين لحماية المسلمين في بلادها، وترأست الصلوات من أجلهم، وأعطت - ولا تزال - دروساً تاريخية في معاني الإنجاز
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك