مرّة جديدة يختلط حابل الدستور بنابل البازار السياسي مع اصرار القوى السياسية على تجاوز الدستور تحت عنوان "التوافق" المُسبق لتمرير الاستحقاقات الدستورية.
ويأتي في السياق عدم تحديد موعد للإستشارات النيابية المُلزمة على رغم مرور ستة ايام على استقالة الحكومة بحجّة "تأمين التوافق المُسبق" على تأليف الحكومة الجديدة وتكليف رئيسها تلافيا لإطالة امد التأليف لو حصل التكليف، وهو ما ادّى الى خروج اصوات من الطائفة السنّية تعتبر ان هذه المماطلة تجاوز للدستور ولصلاحيات رئيس الحكومة.
وقال الخبير الدستوري سعيد مالك لـ"المركزية" "من الثابت ان الدستور لم يُحدد مهلة لرئيس الجمهورية للدعوة الى الاستشارات النيابية المُلزمة، لكن الثابت ايضاً ان لا يجوز ان يسبق التأليف التكليف، اذ لا يمكن ان نذهب في اتّجاه تحضير وانضاج الطبخة الحكومية قبل تكليف رئيس الحكومة، فهذا يُعتبر انتقاصاً من دور وصلاحيات رئيس الحكومة العتيد، وهذا يُمكن ان يؤدي الى اعطاء رئيس الجمهورية والاطراف السياسية مكتسبات لا يلحظها لهم الدستور".
واوضح رداً على سؤال "ان اللقاءات والاجتماعات التي تجري خلف الكواليس بين قوى سياسية عدة بهدف تأمين التوافق المُسبق على التكليف والتشكيل، مُخالف للدستور، لان التكليف هو الخطوة الاولى يليه التأليف، والتكليف من مهمة مجلس النواب عندما يستشيرهم رئيس الجمهورية اما التأليف فمن صلاحية رئيس الحكومة المكلّف بالاتّفاق مع رئيس الجمهورية لاصدار مرسوم التأليف".
اضاف "اذا كان الهدف من إرجاء موعد الاستشارات النيابية انضاج طبخة حكومية تُرضي الشارع وتُفرج الازمة، فهذا امر جيّد، اما اذا كان الهدف تشكيل حكومة تُشبه سابقاتها في التركيبة السياسية، اي حكومة محاصصة فهذا امر مُعيب وسيؤدي بالشارع الى الانفجار مجدداً".
ولفت الى "ان القاعدة الدستورية تتحدّث عن مدة "معقولة"، وهذه المدة استنسابية نظراً لظروف البلد، والوضع الذي نمرّ به استثنائي جداً على وقع غليان الشارع، لذلك من الضروري الاستعجال في تحديد موعد للاستشارات النيابية من اجل تكليف رئيس للحكومة كي يُباشر عملية التأليف".
اما القول ان سوابق حصلت في هذا المجال، حيث تم تحديد موعد الاستشارات النيابية بعد ثلاثة اسابيع من استقالة الحكومة، اشار مالك الى "ان ليس هناك من اي سابقة في هذا الخصوص سوى واحدة في عهد الرئيس ميشال سليمان عندما اخّر موعد الاستشارات لاسبوع فقط قبل تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة بعد سقوط حكومة الرئيس سعد الحريري".
وختم مالك بالتأكيد "ان التشكيل من صلاحية الرئيس المكلّف على ان يعرض التشكيلة على رئيس الجمهورية بعد جهوزها، والاخير له حق الموافقة عليها او رفضها، لان مرسوم تشكيل الحكومة لا يصدر الا بموافقة رئيس الجمهورية بالاتّفاق مع رئيس الحكومة".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك