من خلف ظهْر جَبَلِ الاضطرابِ المالي - الاجتماعي، الذي «يتمخّض» موجاتٍ متواليةً من إضراباتٍ واحتجاجاتٍ، حَمَلَتْ الساعاتُ الماضية إشاراتٍ يُخشى معها أن تكون بيروت على مشارفِ استعادة اصطفافاتٍ داخلية على «خط الانقسام» الإقليمي - الاستراتيجي حول الموقف تحديداً من النظام السوري، وما يرتّبه أي «انفصالٍ» لبناني في هذا المجال عن المظلةِ العربية واعتماد «سرعةٍ» خاصة به تسْبق الاتجاهاتِ الدوليةَ من مَخاطِرَ على مجمل الواقع الداخلي الذي يتلمّس طريقَه الشاقة للخروج من «الحفرة» المالية بـ «حبْل نجاة» خارجي.
وفيما كان لبنان «المحلي» على مدى الأسابيع القليلة الماضية «لا يتكّلم» إلا بلغة المال والاقتصاد وكيفية «الإفلاتِ» من انهيارٍ يخشاه الجميع ما لم يتم تَدارُكه بخطواتٍ ما زالت ممكنة، دَهَمَهُ المشهدُ الذي ارتسم خلال الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب أمس، في القاهرة، لبحث العدوان التركي على الأراضي السورية، مع كلمة رئيس الديبلوماسية اللبنانية الوزير جبران باسيل الذي دعا لـ"عودة سوريا إلى مقعدها الفارغ منذ 8 سنوات (في الجامعة العربية)»، سائلاً «ألم يحن الوقت لعودة الابن المُبعد والمُصالحة العربية - العربية؟".
وانتقد انتظار العرب "الأضواء الخضراء من كل حدب وصوب"، مُطْلِقاً إشاراتٍ "حمّالة أوجه" اعتُبرت من أوساط سياسية برسْم دول خليجية ومتفادياً في معرض الكلام عن الاعتداءات على بلدان عربية الإشارة إلى إيران.
وسريعاً طُرحت في بيروت علامات استفهام حول إذا كان كلام باسيل، يعبّر عن موقف مجلس الوزراء، وهل يوافق رئيس الحكومة سعد الحريري عليه، ولا سيما أن ما أعلنه وزير الخارجية جاءَ ولم يكن جَفَّ بعد حبرُ تكرار الحريري من أبو ظبي التزام حكومته «النأي بالنفس» في معرض محاولته «إعادة التوازن» إلى الموقف الرسمي بعد مَظاهر «تَفَوُّق» حزب الله في جرّ البلاد إلى خياراته الاستراتيجية، وذلك في إطار العملية الصعبة التي يقودها لاستنهاض الدعم الخليجي والدولي للبنان في مسيرة الإنقاذ المالي.
وإلى جانب مقاربة البعض مواقف باسيل من زاوية ما يمكن أن تسبّبه من «متاعب خارجية» للبنان، فإن هذه المواقف فرضتْ أسئلةً حول تداعياتها على الوضع الحكومي «المستنفَر» لمواكبة الإصلاحات «الشَرْطية» للاستفادة من الدعم الخارجي، ولا سيما أن الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء كانت شهدت سجالاتٍ حول انتداب وزيرٍ للتواصل المباشر والرسمي مع النظام السوري حول سبل الاستفادة من معاودة فتْح معبر البوكمال بين سوريا والعراق بين مؤيِّد ومُعارِض، ناهيك عن تحوُّل زيارةٍ لوفد من نقابة المحررين اللبنانيين لدمشق مادة سجالية مع انتقادها من رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك