في موازاة الزخم الذي يدمغ اجتماعات الحكومة واللجان المختصة لمواجهة الازمة الخانقة التي تعصف بالاقتصاد والمال، ينكبّ رئيس الحكومة سعد الحريري على البحث عن موارد ومساعدات تنقذ الدولة من السقوط عبر رفد خزينتها بالودائع وما تيسّر من دعم خارجي عربي واجنبي من الدول التي ما زالت حتى اللحظة مهتمة باستقرار لبنان وتقيه عبر مظلتها المفتوحة من محاولات استهدافه.
فبعد زيارتيه الى السعودية وباريس، يستعد رئيس الحكومة للانطلاق في جولة جديدة تنطلق، اذا لم يطرأ طارئ، يوم الثلاثاء المقبل من الامارات العربية المتحدة حيث يشارك في 8 و9 الجاري في منتدى الاستثمارات العربية الذي يعقد في ابو ظبي. وتشكل الزيارة مناسبة يجري في خلالها اتصالات مع المسؤولين الاماراتيين واولئك المشاركين في المنتدى، لحثهم على دعم لبنان والوقوف الى جانبه في محنته الاقتصادية، وتاليا استمرار الالتزام بوعودهم والتزاماتهم التي قطعوها في مؤتمر "سيدر" بعيدا من تداعيات السياسة وتأثيرات الصراعات الاقليمية على ساحته، وهو شأن يعرف الاشقاء العرب عبر سفرائهم المعتمدين في بيروت تعقيداته المتصلة بطبيعة السياسة اللبنانية وانقساماتها.
وتأتي اللقاءات "الحريرية" في ابو ظبي، استكمالا للمحادثات التي اجراها اخيرا مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وكبار المسؤولين الفرنسيين في شأن تنفيذ مشاريع سيدر، حيث تمكن من حصد دعم كبير من الشركات الفرنسية من خلال حثها على الاستثمار في المشاريع التي تلحظها مقررات المؤتمر بخاصة ان اللجنة الاستراتيجية لمتابعته التي ستعقد اول اجتماعاتها في 15 تشرين الثاني برئاسة الحريري مكوّنة من اعضاء في الدول المانحة، ما يضفي على عمليات التنفيذ نفحة ثقة تقطع طريق الشك والريبة في السمسرات والهدر وتعزز حظوظ جذب الاستثمارات. وعلى رغم الملاحظات القاسية التي لم يتوان عن ذكرها الموفد الفرنسي لمتابعة سيدر بيار دوكان في مؤتمره الصحافي في بيروت، المتصلة بالتأخر في انجاز الاصلاحات الضرورية لاطلاق سيدر، وكررها على مسامع الحريري الرئيس ماكرون واعدا بزيارة بيروت في العام 2020، على امل ان تكون الاصلاحات شقت طريقها و"سيدر" اقلع عملياً، فإن ما تلى زيارة الحريري لباريس أوحى بجدية نسبية في الشروع بالاصلاح، بحسب ما تبين من اجتماعات لجنة الاصلاحات التي تلتئم دوريا في السراي الحكومي، ما يدفع بحسب ما تقول مصادر سياسية متابعة لـ"المركزية" على بعض التفاؤل بتوافر الارادة للحل والانقاذ، ولو انها تبقى مشوبة بالحذر نتيجة تجدد الخلافات السياسية على جبهات القوى التي تشكل ركيزة التسوية الرئاسية، والتي شكلت زيارة وزير الخارجية رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل العائد من جولة اميركية، لرئيس الحكومة سعد الحريري، وما اعقبها من اجواء ايجابية عممتها مصادر التيار، مبدية حرصا على وصفها بالمثمرة والبناءة والاكثر من ممتازة ، اشارة قوية في اتجاه اعادة تثبيتها درءا للاخطار.
وفي اجندة الحريري الخارجية ايضا، محطة في المانيا في النصف الثاني من تشرين الاول قبل انعقاد الهيئة الاستراتيجية المشرفة على مراقبة تنفيذ مشاريع سيدر وتمويلها والتي تناهز 12 مليار دولار. على ان يتوج جولة اتصالاته بالخارج في الاجتماع الاول للجنة العليا اللبنانية -السعودية في المملكة في النصف الثاني من الشهر الجاري، الذي ينصرف المسؤولون اللبنانيون الى تحضير الملفات الخاصة به. وتشير المصادر الى امكان التوقيع على ما يقارب الـ20 اتفاقية بين البلدين، تتناول مختلف القطاعات مشيرة الى قرارات مهمة قد تصدر عنه من شأنها دعم الاقتصاد اللبناني لاسيما دعوة القطاع الخاص والشركات السعودية للاستثمار في لبنان عبر مشاريع سيدر. وتؤكد المصادر ان التواصل اللبناني -السعودي مستمر بين الرئيس الحريري والحكومة السعودية، غير انه يبقى بعيدا من الاضواء، مشيرة الى ان الحريري وبعدما انهى محادثاته في باريس الاسبوع الفائت اجرى اتصالا بوزير المال السعودي محمد الجدعان لشكره على اعلانه بأن المملكة تجري محادثات مع حكومة لبنان في شأن تقديم دعم مالي. ولم تستبعد المصادر ان تعمد بعض الدول الخليجية الى الاعلان عن ودائع ستضعها في المصرف المركزي، لانقاذ "الشقيق الاصغر" من انهيار قد تدفع اليه بعض القوى الاقليمية لوضع اليد على البلد.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك