شارك وزير البيئة طارق الخطيب والوفد المرافق اليوم في الدورة 29 لمجلس وزراء البيئة العرب المنعقد في القاهرة، والذي طرح قضايا بيئية تهم العالم العربي مثل الكوارث الطبيعية والاقتصاد الاخضر والاتحاد العربي للمحميات الطبيعية.
وألقى الخطيب كلمة عرض فيها لما آلت اليه الجهود حول التخلص من كارثة التلوث النفطي التي طالت الشاطىء اللبناني نتيجة العدوان الاسرائيلي.
وقال: "يسرني أن أكون بينكم اليوم بمناسبة الدورة 29 لمجلس الوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة للبحث بجدول أعمال، أقل ما يمكن القول عنه إنه حافل بالمواضيع البيئية الدولية والإقليمية، مثل موضوع الكوارث الطبيعية وحالات الطوارىء، والاقتصاد الأخضر، والاتحاد العربي للمحميات الطبيعية، وغيرها من المواضيع.
إنني أمام هذا الحفل النخب وأمام لبنان الذي يكرس أهمية كبرى لهذه المواضيع كافة، شأنه شأن جميع الدول العربية الممثلة في اجتماعنا اليوم، لا يسعني إلا أن أتوقف أمام مسألتين إقليميتين ذات تداعيات مباشرة على البيئة في لبنان.
المسألة الأولى ليست بجديدة وقد تناولها هذا المقام الموقر أكثر من مرة منذ نشوئها عام 2006 نتيجة العدوان الاسرائيلي الذي تسبب بأسوأ كارثة تلوث نفطي طالت الشاطئ اللبناني والحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط... فقد أدى يومها تسرب ما بين 12ألف طن و15 ألف طن من المحروقات النفطية الثقيلة إلى الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط تلويث ما يزيد على 70 موقعا عاما وخاصا على الشاطئ اللبناني، من الصخور والرمول والحصى، بما فيها المنتجعات والمرافئ الأثرية والسياحية والتجارية ومرافئ الصيد. إحدى عشرة سنة تابعت فيها وزارة البيئة اللبنانية العمل بدءا بالتنظيف وصولا إلى التخلص الآمن من النفايات النفطية في الأسابيع الماضية، وتم ذلك بالتعاون مع الشركاء المحليين والدوليين. وطبعا، ما كان النهوض من هذه الكارثة ليستغرق كل هذا الوقت لو أن الكيان الصهيوني التزم بدفع التعويضات المستحقة للبنان نتيجة الكارثة التي تسببت بها".
أضاف: "لقد دانت الجمعية العامة للأمم المتحدة إسرائيل بموجب 11 قرارا متتاليا لتاريخه، أعربت فيها عن بالغ قلقها إزاء الآثار السلبية المترتبة على هذا الانسكاب النفطي، واعتبرت أن بقعة النفط قد لوثت بشدة الشواطئ في لبنان، وبالتالي كان لها آثار خطيرة على صحة الإنسان والتنوع البيولوجي ومصائد الأسماك والسياحة، ما يؤثر بدوره، وبشكل خطير، على سبل كسب الرزق والاقتصاد في لبنان. وقد طالبت الجمعية العامة اسرائيل دفع التعويض اللازم للبنان عن الأضرار الناجمة عن هذه الكارثة، والذي حدد بـ 856,4 مليون دولار أميركي في العام 2014؛ وهذا هو المبلغ الذي نصت عليه صراحة القرارات الثلاثة الأخيرة للجمعية العامة للامم المتحدة. وبالرغم من كل ذلك، لم تدفع اسرائيل حتى اليوم ليرة واحدة، الأمر الذي أرغم الحكومة اللبنانية، ممثلة بوزارة البيئة، إلى مناشدة الدول الأصدقاء والشركاء لتقديم الدعم، والذين لولاهم لما تخطينا هذه الكارثة. فأما آن الأوان اليوم، بعد مرور أكثر من 11 سنة، أن يدفع التعويض المقر، والكل يدرك العلامة الفارقة التي من شأن هذا التعويض، الذي يقارب المليار دولار أميركي، أن يحدثه على البيئة في لبنان".
وتابع: "أما وما زلنا نخوض هذا النضال ونستعد لمشروع قرار جديد من الجمعية العامة للأمم المتحدة، كان لافتا إصابة لبنان بأزمة بيئية أخرى خلال هذه الفترة، وهي كسابقتها تفوق قدراتنا على جميع المستويات. وهذه هي المسألة الإقليمية الثانية التي أود أن اتناولها. ففي العام 2011، اندلعت الازمة السورية ومعها تدفق أكثر من مليون ونصف مليون نازح إلى لبنان الذي لا تتجاوز مساحته الـ10,452 كلم مربعا ومواطنوه البضعة ملايين. فتخيلوا يا أصحاب المعالي الى ماذا سيؤول مصير أي بلد يستضيف نازحين يقارب عددهم ثلث عدد سكانه، في مساحة جغرافية من بين الأصغر في العالم، وببنية تحتية أرهقتها الحروب المتتالية على مدى العقود؟ إذا تحدثنا في البيئة فقط انطلاقا من مهام هذا المجلس، لا بد أن نتوقف أولا عند الازدياد في انتاج النفايات الصلبة والسائلة، وتأثير ذلك المباشر على موارد المياه والنظم الايكولوجية والهواء خاصة أن مخيمات الاستضافة عشوائية، والأخطر من كل ذلك الأثر غير القابل للانعكاس على وجهة استعمال الأراضي، وبالتالي الهوية البيئية للبلد المستضيف. لذلك، اذا ما وجدنا حلا يؤمن العودة الآمنة للنازحين إلى بلدهم الأم، عبثا نحاول إصلاح وضع البيئة في لبنان أو أي بلد آخر يعاني من التحديات ذاتها".
واضاف وزير البيئة " انطلاقا من هاتين المسألتين، أعيد وأؤكد على جميع التوصيات التي رفعها لبنان بجميع مكوناته إلى مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة في العام 2012 (مؤتمر ريو+20) وتحديدا التوصيتين المتعلقتين بـ:
1- اعادة التأكيد على حق الفلسطينيين في العودة، ونضيف إليها الشيء نفسه بالنسبة للنازحين السوريين
2- انشاء محكمة بيئية عالمية للنظر في الجرائم البيئية المتعمدة بين الدول ومعاقبة الدول المسيئة".
وقال: "نحن كأعضاء في مجلس الوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة نسأل نفسنا دوما كيف نطور عملنا، لا بد أن نبحث جديا في الوصفة التي من شأنها تمكين بلداننا التوفيق ما بين الواقع الاجتماعي والاقتصادي والحاجة للتنمية من جهة، وحماية البيئة والمحافظة على مواردها الطبيعية من جهة أخرى. فهذه المعادلة صعبة حتى في البلدان المتقدمة، كم بالحري في البلدان التي ما زالت في طور النمو والتي ما تبرح أن تنهض من حرب أو أزمة حتى تزج في حرب أو أزمة أخرى، ما يرغمها على الانهماك في الاستجابة للأزمات ووضع حد لها عوضا عن التخطيط لغد أفضل... هذا إذا ما وجدنا من يخطط أصلا، ممن قاوموا هجرة الأدمغة وصمدوا أمام الفساد المستشري وتغلبوا على اليأس. فتجاه هذا الواقع، علينا أن تتضافر جهودنا جميعا للخروج من هذه الحلقة المفرغة لما فيه خير البيئة والتنمية المستدامة في وطننا العربي".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك