ما بين جلستي الصباح والمساء لمجلس النواب، في اليوم الاول من مناقشة مشروع قانون الموازنة اليوم، تلتئم اللجنة الوزارية لقانون الانتخاب في الثالثة بعد الظهر في السرايا برئاسة الرئيس سعد الحريري. وهي تضم وزراء حركة امل وحزب الله وتيار المستقبل والتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية واللقاء الديموقراطي، وألحق بهم بناء على طلبه الوزير طلال ارسلان.
في فحوى ما ستناقشه اللجنة الوزارية المشكلة العالقة التي قسّمتها الى فريقين: وزراء امل وحزب الله والقوات اللبنانية ويجاريهم وزير اللقاء الديموقراطي يقولون باقتراع الناخبين في مساقطهم، ووزيرا التيار الوطني الحر وتيار المستقبل يريدان اقتراعهم في اماكن السكن. ورغم انه بات من المتعذر استخدام البطاقة الممغنطة في انتخابات ايار المقبل لاستعصاء انجازها قبل هذا الموعد، الا ان وزيري التيارين الحليفين يصران على ابرام عقودها من الآن والذهاب بها الى استحقاق 2022، الى حد ربط الانتخابات المقبلة بتلك التي ستليها.
ابرز غلاة هذا الرأي الوزير جبران باسيل الذي يلوّح ضمناً بأن التحضير للبطاقة الممغنطة شرط اجراء انتخابات الربيع. وفي ظل انقسام حادّ في الرأي بين الفريقين، من غير المستبعد ان يمسي اجراء انتخابات ايار في خطر حقيقي، مع ان رئيس مجلس النواب نبيه برّي قال مرة تلو اخرى ـ ويؤيده حزب الله ـ انه يدعم العمل بالبطاقة الممغنطة، الا ان الوقت دهم فرص انجازها في الاشهر القليلة المتبقية، ما يجعلها حكماً مرشحة لانتخابات 2022 لا انتخابات 2018.
بين الحجج التي يلتقي الافرقاء جميعاً تقريباً على الحاجة الى البطاقة الممغنطة، في معزل عن توقيت استخدامها الآن او بعد اربع سنوات، وجود ما يقارب 800 الف بطاقة هوية مشوبة بأخطاء في المعلومات الواردة فيها، الى وجود عدد مماثل من اللبنانيين لم يحوزوها بعد.
وتبعاً للمعطيات المتوافرة عشية التئامها، تبدو اللجنة الوزارية امام استمرار الخلاف، من غير ان يترتب عليه اي تأثير على جلسة البرلمان بعد ان يلتحق اعضاؤها بها مساء.
الا ان التوصل الى تفاهم على المأزق يبدو مستبعداً في الوقت الحاضر، خصوصاً ان ثمة افرقاء بدأوا يوحون بطرح علامات استفهام حيال مصير انتخابات 2018 انطلاقاً من مسائل تقنية بحتة في قانون الانتخاب يرون فيها عرقلة لاجراءات حصولها، كما لو ان بعضهم بات يريد فعلاً التنصل من القانون تمهيداً للتخلص منه. بالتالي، وفق المطلعين على التحضير لاجتماع اللجنة الوزارية بعد الظهر، فإن اقرار الموازنة العامة سيكون في منأى عن هذا الخلاف، في ضوء اتفاق مسبق على التصويت عليها، بعدما وقّع رئيس الجمهورية ميشال عون قانون الضرائب، وهو من ثم اكثر المستعجلين اقرار الموازنة.
الا ان التساؤل الغامض في حسبان هؤلاء هو: هل تبدو انتخابات الربيع المقبل امام خطر متدرّج يفضي في نهاية المطاف الى احتمال تأجيلها، ما يجعل البلاد امام تمديد رابع محتمل للبرلمان؟
مجدّداً عاد الافرقاء الى المشكلة الاصل، وهي قانون الانتخاب الذي ارتضوا به على عجل اولاً، وتبريراً سياسياً وقانونياً لامرار تمديد ولاية مجلس النواب 11 شهراً اضافياً رغم كل ما قيل ـ واخصها التعهدات ـ قبل الوصول اليه ثانياً، ثم تسهيل اخراج «خزعبلات» آلية الانتخاب في القانون تحت وطأة اهدار الوقت وخطر الفراغ في السلطة الاشتراعية والفوضى ووهم التخويف من قانون 2008.
على ان وجهات النظر المتناقضة التي تعصف باللجنة الوزارية بدأت تشير باصبعها الى ان المشكلة تكمن في قانون الانتخاب الجديد برمته، غير المجرّب، النافذ الآن. في الغالب لم يعد احد يريده، او يريد الصوت التفضيلي في ضوء حسابات جديدة بدأت الماكينات الانتخابية تعمل على ارقامها، بمن فيهم الافرقاء صانعو القانون وآباؤه. وقد اضحوا على يقين بأن حسابات اشهر التفاوض على القانون لم تعد متطابقة مع حسابات الحاضر وما يُتوقع من النتائج.
بيد ان تخبّط اللجنة الوزارية يشير الى احتمالات قليلة امامها: اما انتخابات نيابية وفق القانون الجديد النافذ، او لا انتخابات. في المقابل لم يعد من السهل توقّع اعادة القانون الى مجلس النواب لادخال تعديلات عليه. ما يُشتكى منه ليس تفاصيل اجرائية، مقدار القلق الذي تبعثه القاعدة الرئيسة في القانون ـ وهي عاموده الفقري ـ الممثلة في التصويت النسبي. اكثر من مرة سئل رئيس البرلمان هل يبدو مستعداً للموافقة على اقتراح تعديل القانون، فكان جوابه ان الخوض في اي تعديل يجرجر وراءه تعديلات تبدأ ولا تنتهي. لا تكتفي باعادة قانون الانتخاب الى النقطة الصفر، بل تنسفه بكليته.
على نحو كهذا يكتسب اجتماع اللجنة الوزارية، الممثلة للائتلاف الحاكم، اليوم، اهمية تحديد المسار الذي ستسلكه حيال استحقاق 2018، وما ينتظرها بازاء بت مصير البطاقة الممغنطة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك