ستخجلون من أنفسكم. أنتم. كلّ مَن ظلم الممثل عادل كرم، مشكّكاً بقدراته التمثيلية الحقيقية والكبيرة خارج إطار الأدوار الكوميدية، سيخجل من نفسه إنْ شاهده في فيلم "قضية رقم 23"!
ظالمو عادل كرم. أنتم. لعلّكم ستنكرون أنّكم تجرّأتم يوماً على حصر توصيفه بـ "الممثّل الكوميدي" فقط وعلى الحكم على موهبته بالكوميدية فحسب، مشكّكين بما يملكه كرم من طاقات تمثيلية تراجيدية، إن صحّ القول، مع التشديد على "طاقات" وليس "طاقة"...
ليس هذا الكلام تعميماً بقدر ما هو اختصار لرأي يُجمِع عليه عددٌ، وللأسف، غير قليل من الناس. ربّما يظنّ البعض أنّ طموح كرم في التمثيل، صغير وخجول لدرجة أنْ يحصر نفسه فقط في الأدوار الكوميدية ضمن "اسكتشات" كوميدية ساخرة.
هذه الكلمات ليست استخفافاً بالأدوار الكوميدية ولا بمجسّديها، فكم من ممثّل عربيّ وعالميّ بلغ أقصى درجات النجومية ودخل أعماق قلوب الناس بالكوميديا؟ إلا أنّ قدْر العطاء الذي من الممكن أن يقدّمه كرم في دورٍ بعيد عن المضمون الكوميديّ، كبيرٌ... جداً.
ولعلّ أيضاً ما ظلَمَ عادل كرم كممثّل، إلى جانب بعض الناس: الكوميديا. ظلمتْهُ بتأطيرها إيّاه في صورة واحدة خدعَتْ المشاهدين، طيلة سنوات طويلة قدّم فيها عشرات الشخصيات الكوميدية الناجحة والتي صنع فيها بصمة له. ونعني، هنا، أولئك المشاهدين الذين لا يرون أكثر وأبعد ممّا يشاهدونه، غافلين أنّ داخل عادل كرم ممثّل محترف وغير محدود بنوع واحد من الأنماط التمثيلية.
قال المخرج زياد دويري، خلال فترة تصوير فيلم "قضية رقم 23": "عادل كرم... هيدا أخطر ممثّل!" (بحسب ما كان المنتج طارق كرم، شقيق عادل، كشفه لموقعنا في حوار صحافيّ). عادل كرم رجل خطِر في التمثيل. وزياد دويري رجل أخطر منه في الإخراج والكتابة السينمائية، إلى جانب الكاتبة جويل توما.
إستطاع دويري الخطِر أن يُخرِج ما في داخل كرم من ممثّل محترف، فَحين يحتضن مخرجٌ مبدع مثل زياد دويري موهبةً تمثيلية كبيرة وواثقة من نفسها مثل عادل كرم وتمتزج موهبتا الاثنين معاً في عمل واحد، ستولد معادلة اسمها زياد كرم وعادل دويري.
صحيح أنّ هذه السطور كُرّست بكاملها لكرم كونه يستحقّ مقالة كاملة للحديث عن الأثر الإيجابي الذي تركه أداؤه فينا بعد مشاهدة "قضية رقم 23"، لكن، لا بدّ من التنويه بأن هذا الفيلم الذي صنعه زياد دويري يستحقّ أن تُكتَب عنه مقالات، وأن تكرَّس كلّ واحدة منها للحديث عن دويري وعصاميّته وصدقه في العمل وعن احترافية كلّ ممثل فيه، وعن النصّ والحوار الآسرين.
يبقى أنّ لدى عادل كرم ما يقدّمه في الأدوار الجدّية ذات الطابع التراجيدي، أبعد وأعمق وأبدع من الأدوار الكوميدية. الكوميديا، مثلما أعطته الكثير وقدّم لها الكثير، سجنته لسنوات طويلة. ويبدو أنّه حان الوقت ليتحرّر من سيطرتها عليه...
أمّا برنامجه الكوميدي الساخر على "هيدا حكي" على شاشة mtv، فمستمرّ. وهو يستعدّ لافتتاح الموسم الخامس منه الأسبوع المقبل، كما سيحلّ ضيفاً على برنامج "منّا وجرّ" الإثنين المقبل.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك