مع ان معركة "فجر الجرود" انتهت ميدانياً بالمعنى العسكري مع تحقيق الجيش لهدفيها بالتزامن مع سكوت صوت المدافع والقذائف: تحديد مصير العسكريين التسعة المخطوفين الذين رُفعوا الى مرتبة الشهادة بعدما صفّاهم تنظيم "داعش" الارهابي، وطرد عناصره من جرود رأس بعلبك والقاع الى الداخل السوري، الا ان مُقتضيات ما بعد المعركة لجهة تثبيت المواقع العسكرية في المناطق المُحررة تبقى التحدي الاكبر للمؤسسة العسكرية كي تأتي مطابقة لمواصفات "ضبط الحدود" التي تتبعها معظم الجيوش.
وينقل زوّار قائد الجيش العماد جوزيف عون ومن تسنّى لهم اجراء لقاءات مع كبار الضبّاط في المؤسسة العسكرية، لـ"المركزية" "ان المرحلة الان لتثبيت المراكز العسكرية للجيش على طول الحدود الشرقية بعدما طُهّرت من الارهابيين بعد معركة "فجر الجرود"، وتحصين المواقع التي تنتشر فيها الوحدات والالوية الخاصة بضبط الحدود والمعابر".
ومع بدء فصل الشتاء وتدّني درجات الحرارة في جرود السلسلة الشرقية، بخاصة ليلاً، تواصل الوحدات العسكرية المنتشرة تدعيم مراكزها ان من خلال استقدام البيوت الجاهزة (Prefabrique) وتثبيتها كي يحتمي بها العناصر من البرد او تعبيد الطرقات المؤدية الى المواقع العسكرية وتلك التي تربط بينها. ويلفت زوّار قائد الجيش الى "ان الجرود والمناطق المتاخمة لها باتت آمنة اكثر من اي منطقة اخرى".
والى جانب "الارتياح الامني" في السلسلة الشرقية، يشير الزوّار الى "ان القيادة العسكرية مُطمئنة الى الوضع الامني في الداخل بفضل الاجراءات المتّخذة في الجرود التي هي بمثابة "ستار حديدي" مُحكم على طول الحدود مع سوريا يمنع اي تسلل "ارهابي" (عناصر ارهابية او متفجّرات او سيارات مفخخة) والتنسيق بين مختلف الاجهزة الامنية في الداخل، خصوصاً لجهة تبادل المعلومات"، وتوضّح "ان الجيش الى جانب مهمته ضبط الحدود ومراقبتها يتّخذ اجراءات متعددة للحؤول دون عمليات "تهريب" بضائع وسلع وإدخال نازحين سوريين بطريقة غير شرعية الى المناطق الحدودية".
كل هذه الاجراءات العسكرية كما نقل زوّار اليرزة، تتطلّب استقدام عديد وعتاد اضافيين من مراكز عسكرية في مناطق اخرى، قادت القيادة العسكرية الى "تخفيف" انتشارها الامني (الحواجز الثابتة) في بعض الطرق الرئيسية في منطقة البقاع، خصوصاً الممتدة من نقطة ضهر البيدر وصولاً الى مدخل مدينة بعلبك، حيث يلاحظ انخفاض عدد الحواجز، خصوصاً بعد انتهاء معركة "فجر الجرود". ويُشير الزوّار الى "ان القيادة العسكرية طلبت من الاجهزة الامنية الاخرى، خصوصاً شعبة المعلومات ان تحل عناصرها مكان الجيش في بعض الحواجز الثابتة، لان وجودهم على الحدود وفي جرود عرسال، القاع ورأس بعلبك اولوية وضرورة الان ما دام الوضع الامني في الداخل مضبوطاً وتحت السيطرة".
وتستند قيادة الجيش في طلبها الى الاجهزة الامنية استلام بعض الحواجز الثابتة الى استحقاقات امنية عدة اثبتت فيها جدارتها وقوّة عناصرها، وتحديداً في حقل كشف الخلايا النائمة وتفكيك الشبكات الارهابية وتوقيف كبار المطلوبين.
والى ضرورة اضطلاع الاجهزة الامنية بدورها في تثبيت الامن داخلياً كي يتفرّغ الجيش لمهمته الاساسية حماية الحدود وضبطها كسائر مهام جيوش الدول، تلفت المؤسسة العسكرية بحسب ما ينقل عنها الزوّار الى "اهمية دور البلديات في حفظ الامن من خلال تفعيل دور الشرطة وزيادة عناصر الحراسة كي يقوموا بمهامهم على اكمل وجه ضمن نطاق بلديتهم، وبذلك "يخفّ" تدريجياً العبء الامني الداخلي المُلقى على عاتق الجيش منذ سنوات. فكلما وقع اشكال امني بسيط (ضربة كفّ مثلاً) يتم استدعاء الجيش في حين ان القوى الامنية وشرطة البلدية هما المعنيان اولاً بمعالجة مشاكل من هذا النوع.
ويختم زوّار اليرزة "بالتأكيد ان المساعدات العسكرية للجيش متواصلة، وتحديداً من الجانب الاميركي حيث سلّم منذ ايام طائرتي "سوبر توكانو" الى القوّات الجوّية، وهذا من شأنه تعزيز قدراتنا واجراءاتنا في ضبط الحدود وحماية الوضع الداخلي".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك