قبل أيّام من الموعد المنتظر لانتخابه رئيساً للجمهوريّة، يبدو العماد ميشال عون واثقاً ومرتاحاً من أنّ الأمور "مسهّلة". يتكلّم بصيغة الـ "ما بعد 31 تشرين"، وكأنّ الأمور باتت محسومة، الى درجة أنّه لا يمنح أهميّة كبيرة للكلام عن المخاطر الأمنيّة التي قد تحيط به في هذه الفترة، والتي لم تمنعه من التوجّه الى الضاحية الجنوبيّة مساء الأحد والى بكركي مساء الإثنين.
تحضر مظاهر الوداع في الرابية. تشعر بأنّ أهل المكان يستعدّون لمغادرته بعد 11 سنة من الإقامة فيه. أما "الجنرال" فغادره ذهنيّاً الى قصر بعبدا، بانتظار المغادرة الجسديّة التي لم تعد بعيدة.
في كلامه عمّا بعد الانتخاب، يظهر عون متأكّداً من أنّ التغيير والإصلاح آتيان على حصان العهد الجديد. يُشعرك الرجل في كلامه بأنّه يحمل سيفاً ولن يرتدع عن الضرب به يميناً ويساراً في حربٍ ضدّ الفساد ستكون عنوان عهده، كما يعد. يقول إنّ اتّهاماتٍ بالفساد وُجّهت الى وزراء التيّار الوطني الحر زوراً، بينما الناس جميعاً، من أصغر طفلٍ الى أكبر كهل، يعرفون مواقع الفساد ومن يقف وراءه.
يردّد عون عبارة "تفرّجو عليّي" عند الحديث عن الحرب التي سيخوضها على الفساد في مختلف المواقع. يؤكّد بأنّه لن يقبل باستمرار الوضع على ما هو عليه في الكهرباء "التي ستصبح مؤمّنة على مدار الساعة" وفي قطاع الاتصالات والانترنت، وحيث يجب أن يتمّ الإصلاح.
يعترف بأنّه سيواجه Systeme للفساد في لبنان، عمره عقود، ولكنّه لا يتردّد برفع شارة النصر منذ الآن، مكرّساً نفسه رئيساً مختلفاً عمّن سبقه. يروي أنّه، عند انتخاب ميشال سليمان رئيساً، قال له "اعتبر أنّ تكتل التغيير والإصلاح هو تكتّلك وسنكون معك حين تحتاجنا". يضيف أنّ الرئيس السابق سمع هذا الكلام بوجهٍ افتقد لأيّ تعابير، ولم يقم بأيّ إصلاحٍ ولم يحقّق أيّ إنجاز.
ويشدّد العماد عون على أنّ بوصلة محاربة الفساد يجب أن تكون واضحة. يعطي أمثلة كثيرة عن معارك خاضها في السنوات الأخيرة لإصلاح أكثر من خلل في هذه الدولة التي تعاني من الاهتراء في كامل جسدها. ويؤكّد أنّه لا يخاف من شيء، تماماً كما لم يخف في مسيرته السياسيّة والعسكريّة من أيّ تهديد على الرغم من أنّه تعرّض لتهديدات مباشرة يروي تفاصيل أحدها، مصرّاً على عدم نشرها.
وبعيداً عن الانتقادات التي يوجّهها لرئيس حركة "أمل"، يحضر في كلامه الأمل بغدٍ أفضل للمسيحيّين في المستقبل. يتذكّر حين عاد من جلسة انتخاب سليمان رئيساً، فوجد في المنزل من كان يبكي. يكرّر ما وعد به منذ أكثر من سنتين حين قال إنّه لن يدع المسيحيّين يبكون بعد الآن.
يتذكّر ميشال عون، على بعد أيّام من الرئاسة المنتظرة، آخر الأغاني التي بثّتها الإذاعة اللبنانيّة قبل خروجه من القصر الجمهوري بعد عمليّة 13 تشرين الأول، وكانت "بكرا برجع بوقف معكن" للسيّدة فيروز. يقول إنّ مضمون هذه الأغنية تحقّق عند عودته الى لبنان في 7 أيّار 2005. لعلّ ما سيحصل في 31 تشرين الأول يستحقّ كلاماً آخر وأغنية أخرى...
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك