بكلام عابق بروحية والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري وحبه للوطن والناس، أطلّ أمس الأول الرئيس سعد الحريري ليتحدث الى الناس بلسان رفيق الحريري على أثير سؤال "ماذا كان ليفعل لو كان بيننا اليوم؟".
حنكة الرئيس الشهيد وواقعيته السياسية تجلت في الخطاب الذي أطل به ابن أبيه الرئيس سعد الحريري بمبادرة وصفها بأنها "مخاطرة سياسية كبرى" في الملف الرئاسي والمتمثلة بتأييده ترشيح رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون ، ليس لحماية نفسه وشعبيته ومستقبله السياسي، بل لحماية لبنان واللبنانيين والحفاظ على صيغة العيش المشترك والميثاق المتمثلة باتفاق "الطائف"، خصوصاً في ظل "بحر من الدماء والدمار يبتلع المنطقة برمّتها" وفي ظل سعي البعض الى "مؤتمر تأسيسي" لتحصيل المزيد من المكاسب.
"بوصلة" القرار الذي اتخذه، هي بوصلة الرئيس الشهيد، الذي كان همه الأول والأساس المحافظة على البلد وعلى صيغة العيش المشترك فيه المتمثلة بـ"إتفاق الطائف" وهو القائل: "ما المهم مين بيجي وبيروح … المهم يبقى البلد". فالرئيس سعد الحريري يدرك أن ما تعيشه المنطقة اليوم من صراعات ومخططات طائفية بغيضة ومن تحولات ممكن أن لا يكون لبنان بعيداً عنها في حال نجحت في تلك المنطقة، ويدرك أيضاً أن لا سبيل للحؤول دون ذلك سوى في "اكتمال النظام الدستوري، وانتخاب رئيس للجمهورية الذي هو العنصر الأساس في الاستقرار والحفاظ على الاستقرار".
"الوضع اليوم أخطر وأصعب بكثير«، قالها الرئيس الحريري وهو يعني ما يقول، لأنه لا يريد أن ينتقل ما يجرى في سوريا واليمن والعراق الى الداخل اللبناني، والتي "أصبح أهلها لاجئين ومشردين، إن لم يكونوا جثثاً عائمة على سطح البحر الأبيض المتوسط!". هذا الخوف على مصير الوطن ومستقبل أهله وحياتهم، هو الذي دفعه الى التضحية كونه من «مدرسة تاريخها وحاضرها ومستقبلها قائم على التضحية من أجل الناس".
هي ليست المرة الأولى التي يتخذ فيها الرئيس سعد الحريري مثل هذه القرارات النابعة من "ضرورة حماية لبنان وحماية النظام وحماية الدولة وحماية الناس". ولن تكون بطبيعة الحال المرة الأخيرة التي يفتدي فيها "الوطن والدولة والاستقرار" بمصلحته الشخصية والسياسية بعكس ما يسعى اليه البعض، فبالنسبة إليه «عندما تكون نجل الذي ضحّى بحياته لأجل وطنه وشعبه، لا تسأل عن ثمن التضحيات، مهما كبرت أو كثرت".
هو القرار الجريء الذي لم يتخذه عن عبث، بل عن قناعة تامة لأنه لا يريد المخاطرة بحياة الناس ولا المقامرة فيها، بل يريد "الحفاظ على النظام وتقوية الدولة وتحييد البلد عن الأزمة السورية". وهذا ما أكد عليه العماد عون أيضاً بعد لقائه الرئيس الحريري في بيت الوسط أمس الأول عبر تأكيده أهمية اتفاق الطائف والتزامه المحافظة على "صيغة لبنان الفريدة".
فما يهم الرئيس الحريري في نهاية المطاف هو "لبنان أولاً" وليس أي بلد آخر كما البعض. وهذا الشعار يعني بالنسبة إليه أن "اللبنانيين واللبنانيات أولاً لا سعد الحريري أو تيار "المستقبل"، ويعني كرامة المواطنين أولاً ولقمة عيشهم أولاً وأمنهم واستقرارهم أولا ومستقبل اولادهم أولا، وحماية الدولة والنظام أولا، وحماية لبنان…أولا وثانياً وثالثاً وأخيراً"، بحسب ما عبّر عنه.
فعسى أن تثبت الأيام للبنانيين عموماً وللمسيحيين خصوصاً مَن الذي يريد رئيساً للجمهورية فعلاً ومَن لا يريد. فلننتظر ونرى، علّ التاريخ ينصف سعد الحريري أمام المزايدين والحاقدين كما أنصف الرئيس الشهيد رفيق الحريري أمام خصومه وحلفائه على حد سواء.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك