يستعيد «تيار المردة» أنفاسه التي كاد يفقدها لبرهة بعد قليل من لقاء بنشعي بين سعد الحريري وسليمان فرنجية. يعلم الأخير أن البلاد في مرحلة ما بعد عودة الحريري هي غير ما قبلها. وبرغم كل ما يُقال حول الانقلابات في الخيارات الرئاسية، يتسلّح زعيم «المردة» بميزات يعتقد أن خصمه ميشال عون يفتقدها، بغض النظر عما اذا كان الحريري سيُكمل استدارته الكاملة باتجاه «الجنرال»، وهو الخيار المرجّح حتى الآن.
واذا كان الحريري قد ألمح في بنشعي إلى أنه يدرس خيارات أخرى، واضعاً الكرة في ملعب فرنجية لكي يعمل على خط حلفائه، وهو يقصد بذلك «حزب الله»؛ الا ان فرنجية فهم من الحريري، في موازاة ذلك، أنه لا يزال مرشح زعيم «المستقبل»، وأن حركته تهدف الى كسر الركود في ملف الرئاسة. بينما يقول رأي آخر إن الحريري قد أيقن استحالة وصول فرنجية، وهو شرع في تمهيد الطريق، رويداً رويداً، نحو التخلي عن فرنجية، علماً أن الأخير يردد في محيطه الضيق أنه ماضٍ في ترشيحه حتى لو قرر الحريري عكس ذلك.
لم يغادر زعيم «المردة» مربع التفاؤل حتى الآن. وهو لا يصدّق أن الفرصة قد تصبح سراباً، لذلك، قرّر شن هجوم استباقي مضاد، تبدّت أولى تجلياته بتغريدته الشهيرة عبر «تويتر»: «إذا اتفق (الرئيس) سعد الحريري مع (النائب ميشال) عون وسمّاه لرئاسة الجمهورية، سيحصد نفس النتيجة حين سمّى الرئيس أمين الجميّل عون رئيساً للحكومة عام 1988». أي التلميح الى أن الحريري قد يلقى مصير أمين الجميل، ويُضطر لمغادرة البلد.
والواقع أن فرنجية يستمدّ قوته، من ضعف خصمه. هو يعتبر أنه لا يزال الأقوى في الترشيحات الرئاسية وهو الحاصل على شبه إجماع وطني، وهو المعروف عنه التزامه بخط المقاومة؛ ومع احترامه للالتزام «الأخلاقي» من قبل «حزب الله» مع «الجنرال»، الا أن الأمر لا يشبه، حسب المتابعين، التأييد «غير الأخلاقي» الذي أبداه سمير جعجع لعون كرهاً بفرنجية وليس اتفاقاً مع «الجنرال» على معظم القضايا السياسية المطروحة.
يُرضي فرنجية، حسب هؤلاء، الوجدان المسيحي؛ وهو الأمر الذي تمخّض عن تبنّي بكركي ترشيحه الى جانب ثلاثة مرشحين في لقاء بكركي، كما أنه يحصل على تأييد السنة والدروز وجزء كبير من الشيعة. لكن سلاح فرنجية الأبرز يتمثل في تأييد المجتمعين الدولي والعربي له..
كل هذه العوامل يفتقدها عون، حسب هؤلاء. ومن شأن تبنّي الحريري لعون أن يُحدث «زلزالاً» في صفوف الطائفة السنية التي لم تنس مخاصمة عون للحريري ووصم جزء منهم بـ «الدواعش بكرافتات»، كما أنها لم تنس مواقف عون التصعيدية الكبيرة بوجه السعودية..
لذا، «بين ترشيح فرنجية مقدمة لتسوية تاريخية، وبين تبنّي عون مع ما يمكن أن يؤدي اليه من اندلاع أزمة سياسية داخلية وخلق مشكلة مع المجتمع الدولي، من المنطقي أن يكون خيار فرنجية هو الأسهل»، حسب المتابعين لمواقف «المردة»!، كما أن الخلاف على السلة المتكاملة، وهي ليست مطلب نبيه بري وحده، من شأنه أن يشكل عائقاً أمام وصول عون الذي يرفض التفاهمات المسبقة.
على أن فرنجية بعث برسالة أخرى الى «المعنيين» تمثلت بحضور النائب اسطفان الدويهي لجلسة انتخاب الرئيس الأربعاء الماضي. هي الرسالة التي تحدث للمرة الأولى، في ظل سؤال حول المدى الذي قد يبلغه فرنجية في كسر حظر حضور الجلسات النيابية..
ووفق هؤلاء، ثمة تقاطع في المواقف بين فرنجية وبري ووليد جنبلاط. كما أن فرنجية تجمعه «الكيمياء» مع الحريري الذي لم يُعلن أصلاً تخلّيه عن زعيم «المردة»، ولكن فرنجية ينتظر موقفاً واضحاً ومباشراً من زعيم «المستقبل»، إذا ما قرّر السير بعون.. على أنه ماضٍ في ترشّحه حتى لو «تخلّى» الحريري عنه.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك