تعالوا الى عالم "ويكيليكس". الى أليس في بلاد العجائب التي لا تعجب احداً، بعدما سبق وتبين ان ما يقوله أهل 8 آذار عن "حزب الله"، يتجاوز في "الفضل" كل ما قاله تجمع 14 آذار، على الاقل لأن هؤلاء لا ينامون على "أيدي المقاومة" ويدعون عليها بالكسر!
اذاً تعالوا الى الوثيقة الرقم 74106 التي نشرها موقع "الرأي نيوز" لاستطلاع المكنونات والطموحات السياسية عند رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي. ففي 8 آب من عام 2006 التقى جيفري فيلتمان ميقاتي في مكتبه، وكان ذلك عشية صدور القرار 1701. في ذلك اللقاء ظن ميقاتي مثل غيره، انه يتحدث الى بئر عميقة ولم يكن يحسب ان افكاره الطافحة بالمحبة ستجد طريقها يوماً الى صنوبر "ويكيليكس".
وهكذا أطلق العنان لمشاعره وانخرط في حفلة قصف سياسي لم يسلم منه أحد تقريباً. فلقد رأى يومها ان وقف اطلاق النار مناسبة ملائمة للتخلص من اميل لحود الذي جدد له السوريون. وشمل نبيه بري بعطفه فقال لفيلتمان "انه جيد". ولماذا؟ "لأنه سيكون حيثما نريده أن يكون". هكذا بالحرف، ولكأن أبو مصطفى خاتم في الاصبع! أو لأنه، كما قال ميقاتي، تبادل المواقف النارية مع وليد المعلم ووعظه كما يفعل "الاستاذ مع التلميذ".
وقال انه يعتقد ان سوريا تستخدم مزارع شبعا للإمساك بأوراق تتصل بالمحكمة الدولية، لكن لا ندري ما اذا كان هناك في دمشق الآن من يملك الوقت للقراءة. بيد ان السيد حسن نصرالله قرأ بالتأكيد وبتمعن شديد، مكنونات من اختاره رئيساً مكلفاً بعد الانقلاب على حكومة سعد الحريري، ومنها ان ميقاتي قال "للعزيز جيف" انه يرغب في رؤية الحزب منزوع السلاح وفي ان يضعف موقفه بعد وقف النار. أكثر من هذا، رسم ميقاتي خريطة توقعاته لتسليم سلاح الحزب وقال انه سيصوّر نفسه على انه المنتصر لكنه سيخرج في الحقيقة ضعيفاً عسكرياً وسياسياً.
واذا كان ميقاتي قد شمل فؤاد السنيورة بمحبته قائلا انه لا يصدق نفسه انه قائد حقيقي بل وكيل عن سعد الحريري، فإن قمة المحبة برزت في حديثه عن الحريري عندما قال عنه انه "ساذج يسهل خداعه، ولهذا لا يمانع حزب الله في التعامل معه"!
هنا قد يرى البعض ان الساذج فعلا هو ميقاتي، لأن في كلامه ثلاث اهانات مجانية وغير ضرورية تنم عن تهور غير مبرر: واحدة الى الحريري والثانية الى "حزب الله" والثالثة الى نفسه، عندما يوحي ضمناً انه هو من يحسن المكر والخداع، على عكس ما يشيعه من الدماثة.
ولكن لماذا كل هذه الحميمية مع فيلتمان؟ لان ميقاتي يرى انه لا يوجد قائد حقيقي جامع وصاحب كاريزما لدى السنّة، الذين لن يكون في مقدورهم مواجهة الشيعة الموحدين والمسلحين... إلاّ اذا صدّق فيلتمان مثلاً ان ميقاتي هو صلاح الدين الايوبي الجديد.
ولكن من قال ان المطلوب مواجهة السنّة للاشقاء الشيعة في لبنان؟!
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك