تحدّث المسؤول الاميركي الرفيع السابق نفسه ثانية عن الاردن، قال: "في الاردن بدأ الملك عبدالله الثاني يعي خطورة الأوضاع. بدأ يضغط ويقاوم. وهو قد يحارب جماعة الفساد ومزعزعي الاستقرار الداخلي. لكن هناك حالاً واحدة لا يقدر عليها، وهي نقمة عدد مهم من شرقيي الأردن على زوجته لكونها في رأيهم رأس المعاصي". علّقتُ: سمعت هنا في واشنطن ان ولي العهد السابق الحسن الثاني شقيق الملك الراحل حسين قد بدأ يتحرك بعد طول انكفاء. وبدأ البعض في الاردن يتحدث عنه بطريقة ايجابية. ردّ: "انه عقلاني ومثقف ومفكر (Intellectual). ولا يزال ناشطاً ويشارك في كثير من المنتديات الدولية بما فيها دافوس. اما ما تقوله او تسأل عنه فأنا لا اعرف عنه شيئاً. لكن من يدري. في كل الاحوال كانت زوجته (الامير حسن) الباكستانية تحضّه دائماً على تولي الملك وبوسائل عدة. علاقتها مع الملكة نور كانت سيئة".
ماذا عن العربية السعودية والبحرين؟ سألتُ. أجاب: "كانوا في الادارة الاميركية وخصوصاً في الخارجية مصدومين من قرار السعودية ارسال وحدات عسكرية الى البحرين. وقد تحدث مع المسؤولين الكبار فيها كثيرون في واشنطن حول هذا الأمر ونصحوهم بعدم الإقدام عليه". علّقتُ: في لقاءاتي الاميركية اشرت الى ان ارسال قوات سعودية الى البحرين قد يفتح الباب امام ايران لبدء زعزعة الاستقرار في السعودية انطلاقاً من المنطقة الشرقية فيها حيث تقيم غالبية الاقلية الشيعية السعودية. ردّ: "الادارة نصحت ملك البحرين بالتعاطي الايجابي مع شعبه الذي يشكّل الشيعة 70 في المئة منه. ونصحته تحديداً بالتفاهم معه عبر الحوار وايضاً بتقديم بعض التنازلات. لم يقبل الملك النصيحة ربما لأن رئيس حكومته الذي تطلب المعارضة البحرينية ولا سيما الشيعية منها التخلص منه، وهو للمناسبة عمّه، اقوى منه.
في اي حال ضغطت السعودية على الملك حمد بن خليفة كي لا يقدم تنازلات ايضاً". علّقت: ان نجاح القمع في البحرين، اذا تحقق، لا بد ان يبعث برسالتين مهمتين الى الخارج بل الى العالم. الاولى للديكتاتوريين تؤكد لهم انه مسموح لهم ان يضربوا شعبهم كي يبقوا في السلطة. والثانية للديكتاتوريين الذين نجحت شعوبهم في اسقاطهم وانظمتهم تؤكد لهم انهم ارتكبوا خطأ كبيراً. اذ كان يجب ان يكونوا دمويين فعلاً وان يحتفظوا بالسلطة ولا يتخلوا عنها "بسهولة" كما فعل الرئيس المصري السابق حسني مبارك والرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي. ردّ الموظف الاميركي الرفيع السابق نفسه: "على كل حال كان مقرراً ان يزور وزير الدفاع الاميركي غيتس السعودية في ابريل (نيسان) المقبل (اي الحالي) جرى اتصال بين واشنطن والمملكة لكي تحصل الزيارة الآن (اذار). كان الرد السعودي ان الملك لا يزال في مرحلة النقاهة من الجراحتين اللتين اجريتا له في نيويورك، وانه يقوم بانتظام بتمارين رياضية (فيزيوتيرابي). الآن اذا زار غيتس المملكة فسيزورها ايضاً جماعة مجلس التعاون الخليجي. وهو ليس قادراً على مواجهة كل هذا الضغط الآن. اما اذا بقي نيسان موعد الزيارة فلا مانع.
هل سبب رفض تقديم الزيارة المذكورة صحّي فعلاً كما قيل ام انه رفض الملك ان يسمع آراء من غيتس لا تعجبه؟ حقيقة لا اعرف، ربما السببان صحيحان. في اي حال يبدو ان الامير بندر بن سلطان "عاد شغّالاً على الخط" كما يقال اي خط السياسة السعودية بعد طول ابتعاد او ابعاد لا ادري. وهو ومحمد بن نايف يعملان معاً، ومعهما ايضاً الشيخ محمد بن زايد الاماراتي. كانوا في السابق "يخرجون" معاً. ويشير ذلك الى ان "السديريين" داخل العائلة السعودية الحاكمة قد بدأوا العمل معاً. لكن المشكلة ان هناك كباراً ثلاثة في المرتبة والسلطة والعائلة يعانون المرض. الملك عبدالله مريض وكبير في السن (86 او 87 عاماً). ولي العهد الامير سلطان مصاب بالسرطان، علماً ان البعض يقول انه شفي منه. والنائب الثاني لرئيس الوزراء وزير الداخلية الامير نايف يعاني بعض المرض وان غير خطير حتى الآن على الاقل. اذا انتقل سلطان الى جوار ربه (لا سمح الله) قبل الملك يكون الامل في مواصلة مسيرة الاصلاحات في المملكة وإن جزئية وبطيئة مستمراً. علماً ان هناك انطباعاً عند كثيرين داخل المملكة وخارجها ان الملك قد بدأ يضعف. لكنه طبعاً يبقى الملك وله كلمته". علّقتُ: هناك انطباع عند البعض في المنطقة وخارجها ان في المملكة السعودية ثلاثة اقوياء لكل منهم جيشه. الحرس الوطني للملك عبدالله الذي اسسه ولأولاده من بعده. والجيش لوزير الدفاع وربما لأولاده من بعده. والشرطة وقوى الامن والاجهزة لوزير الداخلية وربما لأولاده من بعده. سأل الموظف الاميركي الرفيع السابق نفسه: "هل الجيش السعودي قوي بما فيه الكفاية؟". بماذا اجبت؟
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك