روت شخصية سعودية زارت بيروت أخيراً معلومات عن اجتماع عقده مسؤول أمني سعودي مع زائر من كبار الشخصيات الأمنية في سوريا، حيث انتهى اللقاء إلى تأكيد المملكة تضامنها مع سوريا بمواجهة ما يحصل فيها. ويقول المسؤول السعودي «قلبنا معكم، لكن المعلم الكبير (أي الولايات المتحدة) لديه مجموعة من الشروط قبل استقرار الأوضاع في بلادكم، الأول هو فك الارتباط مع إيران، والثاني هو رفع الغطاء عن حماس، والثالث هو التخلي عن حزب الله في لبنان، والرابع هو إصلاحات شكلية تنفع للتسويق في الإعلام، وعندها بإمكان عائلة الأسد أن تحكم إلى ما شاء الله».
لا شك في أن ما قاله المسؤول الأمني السعودي لضيفه السوري يمثل أحد المواقف السعودية، وقد يكون هو الموقف الرسمي للملك، إلا أن في المملكة من يقف إلى يمين واشنطن، من بندر بن سلطان إلى شخصيات أمنية يمدون أيديهم إلى داخل سوريا، عبر بوابات متعددة، منها دائماً البوابة اللبنانية، وفي لحظة حرجة كهذه بالنسبة إلى سوريا، هناك من رأى مجدداً أن في إمكانه ركوب الموجة والوصول عليها إلى انتصار أكيد وإلى بر الأمان.
إنه لا أحد غير رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، الذي فجأة برز، ومن حيث لا يدري أحد، ليشن هجوماً مزدوجاً على إيران وسلاح المقاومة. وللحريري من الأسباب الداخلية ما يبرر شنه هذا الهجوم، فهو أولاً يواجه منافسة من خلفه في رئاسة الحكومة، الذي يتميز بأنه أطول منه وأثرى منه، وشبكة علاقاته الدولية أوسع، وحجم صداقاته محلياً وإقليميا أوسع، ويزور الأمين العام لحزب الله ثم يمكنه أن ينفي وينجو بنفيه، وتنتج زياراته للأمين العام للحزب، بينما زيارات الحريري المعلنة كانت تفضح عدم التزامه وافتقاره الى القدرة على الإنتاج، كما أن منافسه يحسن إطلاق الكلام الدبلوماسي، بينما الحريري لم ينجح بعد في إطلاق أكاذيب تصمد لأيام عدة، ومنافسه يمتلك من الذكاء ما لا يسمح بالمقارنة مع رئيس حكومة تصريف الأعمال، ومنافسه يمتنع عن زيارة ميشال عون، أصعب الشخصيات اللبنانية، بينما الحريري اضطر الى زيارته حين أراد تأليف الحكومة، كما أعلن تشكيلتها من الرابية لا من القصر الجمهوري.
وصل الخوف بالحريري إلى الحد الذي بات يعتقد بأن هناك عملية إلغاء لوجوده السياسي، وهو الهاجس الذي بات واضحاً من تصريحات سعد وابن عمّته أحمد، وهذا الخوف دفع بسعد الى القيام بزيارات الى دول خليجية، شارحاً المخاطر التي يتعرض لها خليفة رفيق الحريري. وعلى ذمة من يحسنون نقل المعلومات من هناك، فإن المملكة طلبت من سوريا عدم إلغاء سعد، مع السماح بتهميش دوره مرحلياً.
ومن أسباب اندفاعة الحريري إلى مغامرة إطلاق النار علناً على إيران وحزب الله، وسرّاً على سوريا، هو فقدانه أي احتضان فعلي خارج طائفته، وتدني الاهتمام به داخل طائفته، وتراجع الحماسة التي لا شك في أنها ستعود إلى الاشتعال مع أول تحدّ مذهبي جدي يواجه البلد.
أما الأسباب الخارجية فهي إذا استثنينا الموقف الرسمي السعودي، الذي حالياً لا مصلحة له في فتح اشتباك مع طهران، وخاصة بعد استقرار نسبي للوضع في البحرين، وإبداء إيران حسن نوايا في المنامة كما في مناطق سعودية، فإن من يعرفون الحريري يتحدّثون عن تعسر واستحالة أن يكون قد بادر الى القيام بخطوات كدعم أعمال التخريب في سوريا ومهاجمة إيران من تلقاء نفسه، ومن همس له لا بد أن يكون إما سعودياً من أحد مراكز القوى الأكثر تشدداً، أو أميركياً، أو تركياً، أو غيره، ولذلك أسباب متنوعة، ولا سيما أن سعد الحريري يلتصق دائماً باكثر الجهات تطرفاً.
إذاً، فجأة اكتشف سعد الخطر الإيراني، والتدخل الإيراني في دول المنطقة، علماً بأن إيران تخلت عن البحرين، وسحبت يدها من الكويت، وتركت جنين الانتفاضة السعودية وحيداً يسبح في دمائه وبصمت، لكن، هي مطالب المعلم الأكبر الأميركي من سوريا، وأولها فك الارتباط بإيران، ونسمع صداها لدى الخلّص، من دون التمكن من تحديد من أي فم سمع سعد الهمس.
وبعدها، ينتقد سعد مساوئ الحرب الأهلية التي أدت الى «قيام دويلات طائفية وحزبية مسلحة، وتقطيع الدولة الى إمارات تتوزعها الميليشيات ومواقع النفوذ الداخلي والإقليمي».
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك