كتبت بولا أسطيح في "الشرق الأوسط":
أثار قرار رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، عدم نشر 3 قوانين أصدرها مجلس النواب في جلسته الأخيرة وقرر مجلس الوزراء إصدارها بسبب غياب رئيس الجمهورية المسؤول عن توقيع القوانين ونشرها، اعتراضات. وبرر ميقاتي خطوته بـ«مراجعات وردته ولتتسنى إعادة عرض القرار المتصل بإصدارها مجدداً على أول جلسة لمجلس الوزراء للبحث في الخيارات الدستورية المُتاحة بشأنها»، ورأت اعتراضات سياسية ودستورية أنه يستحوذ على صلاحية مرتبطة حصراً برئيس الجمهورية.
وهذه ليست أول مرة توجه فيها اتهامات مماثلة لرئيس الحكومة في ظل شغور سدة الرئاسة الأولى منذ أكثر من عام، وهي اتهامات يوجهه له دائماً «التيار الوطني الحر». لكن هذه المرة تجاوزت الاعتراضات التيار وحده.
وكان رئيس الحكومة وقّع الثلاثاء 11 قانوناً من أصل 14 أصدرها مجلس النواب وصوت على نشرها مجلس الوزراء، وأعطى توجيهاته إلى الدوائر المختصة في رئاسة مجلس الوزراء بنشرها في الجريدة الرسمية، وعدم نشر 3 قوانين؛ اثنان منها مرتبطتان بدعم صندوق التقاعد لأساتذة التعليم الخاص؛ أحدها تعترض عليه المدارس الكاثوليكية التي أعلنت الإضراب، والثالث متعلق بتعديل قانون الإيجارات للأماكن غير السكنية.
ويُجمع الخبيران الدستوريان سعيد مالك وعادل يمين على عدم امتلاك ميقاتي صلاحية الإيعاز بعدم نشر هذه القوانين.
وعملاً بـ«المادة 51» من الدستور؛ يُصدر رئيس الجمهورية القوانين وفق المهل المحددة (بشهر أو 5 أيام لتلك المستعجلة)، بعد أن يكون قد وافق عليها مجلس النواب، ولا يحق له على الإطلاق أن يُدخل تعديلاً عليها. أما «المادة 57» فأولته حق طلب إعادة النظر فيها لمرة واحدة، وعلى مجلس النواب إقرارها مجدداً بالغالبية المطلقة. أما في حال انقضاء المهل المنصوص عليها دون إصدار القوانين أو طلب إعادة النظر فيها، فيعدّ القانون نافذاً حكماً ووجب نشره.
ووفق المحامي الدكتور سعيد مالك، فإنه «وبعد عرض ميقاتي القوانين التي أصدرها مجلس النواب مؤخراً على الحكومة وإقرارها وكالة عن رئيس الجمهورية، لم يعد له الحق في إعادة النظر فيها؛ لأنه استعمل حق الإصدار وأصبحت واجبة النشر لا محالة»، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «صحيح أنيطت بمجلس الوزراء وكالة صلاحية إصدار القوانين، لكن لم تنط به على الإطلاق صلاحية إعادة النظر في القانون. وهناك قرار من المجلس الدستوري صادر عام 2001 أكد أن هذه الصلاحية محفوظة لرئيس الجمهورية بصفته رئيس الدولة ولا تُجيّر إلى مجلس الوزراء». وشدد على أن كل القوانين التي أصدرها مجلس النواب وأقرها مجلس الوزراء «يفترض أن تصبح نافذة بعد شهر ووجب نشرها، وأي شيء خلاف ذلك فهو مخالفة واضحة للدستور».
من جهته؛ أكد المحامي والأستاذ الجامعي الدكتور عادل يمين على أن صلاحية طلب إعادة النظر في القوانين «لصيقة بشخص رئيس الجمهورية؛ لأنه الوحيد المؤتمن على حماية الدستور والذي أقسم اليمين على أداء مهامه الرسمية»، لافتاً إلى أنه «إذا سلمنا جدلاً أن هناك دوراً لمجلس الوزراء بالوكالة بطلب رد القانون أو بإصداره، فإنه ما دام أن الحكومة قررت إصدار جميع القوانين التي أقرت في الجلستين الأخيرتين لمجلس النواب؛ فلم يعد من حق رئيس الحكومة تجميد مسار أي من هذه القوانين، ولا يملك صلاحية منع نشرها»، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «ما قام به لا سند دستورياً له بتاتاً، ويخالف أحكام الدستور. فليس له على الإطلاق أي صلاحية بأن يطلب من مجلس الوزراء إعادة دراسة القوانين».
أما نائب رئيس «التيار الوطني الحر»، الدكتور ناجي حايك، فاتهم رئيس مجلس الوزراء بـ«التطاول على صلاحيات رئيس الجمهورية عبر إرسال القوانين للنشر في الجريدة الرسمية»، مشدداً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «مجلس الوزراء مجتمعاً هو من يمثل رئيس الجمهورية وليس رئيس حكومة تصريف الأعمال بشخصه. كما أنه يفترض أن يوقع كل الوزراء على القوانين وكالة عن رئيس الجمهورية في حال شغور سدة الرئاسة كما هي الحال اليوم».
بدوره؛ رأى النائب «التغييري» مارك ضو أن «القانون تم إقراره في المجلس النيابي، وتمت الموافقة عليه في مجلس الوزراء، و الآن ما يقوم به رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي هو تعطيل نشره في الجريدة الرسمية بمخالفة واضحة»، لافتاً الى أن «القانون صادر ومحكم ونهائي، ويجب نشره فوراً من دون هذا التلاعب إرضاء لبعض القوى».
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك