شارك وزير الإعلام في حكومة تصريف الاعمال المهندس زياد المكاري، في ملتقى التعاون الإذاعي والتلفزيوني الصيني ـ العربي الذي يعقد دورته السادسة في مدينة هانغتشو في الصين، في حضور نائب حاكم الحكومة الشعبية لمقاطعة تشجيانغ، وأمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، والأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير أحمد رشيد خطابي، وعدد من وزراء الإعلام العرب، وكبار قادة مقاطعة تشجيانغ.
وكانت كلمة للوزير المكاري في المناسبة، نوّه فيها بعراقة الصين، وقال: "تسرّني زيارة الصين، هذا البلد العريق والأطول عمراً في التاريخ، الذي لا يمكن وصف عراقته مهما أطلنا الحديث عنه، وقد نحتاج حكماً إلى مجلّدات للحديث عن ريادته في العمارة والصناعة والزراعة والتكنولوجيا والطب واللغة والموسيقى والرقص والأدب والفنون القتالية".
أضاف: "لقد أصاب الأديب والفيلسوف الفرنسي الأشهر فولتير، بقوله إنّ الحضارة الصينية حضارة ذكية، واعتباره لها من الحضارات الأكثر رسوخاً".
وتابع: "تسرّني زيارة الصين، كما تسرّني المشاركة في هذا المؤتمر الذي يعزّز الروابط بين حضارتينا"، ولفت إلى عمق العلاقة بين بيروت وبكين بالقول: "العلاقة بين بلدي لبنان والصين، هي علاقة إنسانية بالدرجة الأولى، تتجاوز المقاييس المصلحيّة التي تقوم عليها العلاقات بين الدول. وللمفارقة، لبنان إحدى أصغر الدول مساحةً وأقلّها سكاناً، فيما الصين إحدى أكبر الدول من حيثُ المساحة وأكثرها سكاناً".
وأشار إلى "أننا نتباعد في المساحة وتعداد السكان، ونتقارب في التاريخ والطموح والإنسانية. فالشعبان اللبناني والصيني يتمتّعان بتاريخ عظيم، وكما اشتهرت الصين قديماً بالفلسفة والطب، اشتهرت العاصمة بيروت بالشرائع. وكما كانت الصين أوّل من اكتشف الحبر، كانت جبيل اللبنانيّة أوّل من صدّر الحرف".
وتطرّق إلى عمر العلاقة بين البلدين بحيث أشار إلى أنّ "الصداقة بين لبنان والصين التي نحرص على نموّها ليست حديثة العهد، بل قديمة قدم طريق الحرير، وعليه عمر العلاقة هو 2000 سنة، وقد أحدثت تفاعلاً بين شعبينا، وخلقت تطوراً ذهنياً وعاطفياً، أسهم دون شكّ في غناهما الثقافي والحضاري، دون أن نغفل طبعاً إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين قبل 48 عاماً، وصولاً إلى مبادرة "الحزام والطريق" التي بعثت الدم مجدداً في شريان العلاقة مع لبنان بما يمثّله على المستوى الثقافي والأدبي، ونطمح كلبنانيين إلى ما هو أبعد من ذلك".
وأشار المكاري إلى الحضور اللبناني البارز في الصين، وقال: "لقد تواجد لبنان الثقافة والعلم في قلب الصين النابض في بدايات القرن العشرين، وهذا الأمر هو مدعاة اعتزاز بالنسبة الينا"، وشرح للحضور أنّ "صحيفة لبنانيّة تاريخيّة إصلاحيّة انتقاديّة اسمها "المارونية الفتاة" صدرت في الصين في "واي هاي واي" Wei –Hai – Wei في بداية القرن العشرين وباللغة العربية"، وقد أبرز صورة عن عددين منها، الأوّل يعود إصداره إلى 5 أيلول من العام 1908، والثاني إلى 6 كانون الثاني من العام 1909".
وتوقّف عند إسهامات الطبيب اللبناني جورج حاتم، الذي رافق مسيرة الزعيم الصيني ماو تسي تونغ 12 عاماً، وقال: "كان طبيبه الخاص، وقد تمكنت الصين بفضل جهوده من القضاء على البرص".
ولفت إلى أنّ "اللبناني العالمي جبران خليل جبران حضر في الصين بكتابه النبي الذي تُرجم إلى اللغة الصينية"، وقال إنّ "لبنان حاضر اقتصادياً وتجارياً في الصين منذ العام 1955، وقد تجسّد هذا الحضور القوي بإنشاء غرفة التجارة الصينيّة ـ العربيّة".
وتابع: "نريد للبناننا أن يكون حاضراً بشكلٍ أقوى وأكبر في قلب الصين، ونريد للصين أيضاً أن تكون حاضرة بشكلٍ أقوى وأكبر في قلب لبنان، خاصةً وأنّها حاضرة في قلوبنا كلبنانيين من خلال سياستها الناعمة ودبلوماسيتها المرنة إقليمياً وعربياً".
وأضاف: "مشكورة هي الصين على اتفاق بكين بين المملكة العربية السعودية وجمهورية إيران الإسلامية، ونتمنى عليها أن تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني المظلوم الذي يتعرض لإبادة جماعية"، ولفت إلى أنه" كلّما زادت بكين تقدّماً ومكانةً في النظام العالمي، كلّما برزت أكثر كقوّة عاقلة، وهذه السياسة الخارجيّة المتّزنة والمتوازنة، لا يمكن إلاّ أن تكون محطّ تقدير كبير، وأن تحفّزنا بالتالي على شراكات استراتيجيّة مع بكين على كلّ المستويات، وفيما يعنيني كوزير إعلام، يدي ممدودة لشراكات على مستوى تلفزيون لبنان والإذاعة اللبنانية والوكالة الوطنيّة للإعلام ومكتب الدراسات والمنشورات".
وتطرّق إلى الأدوار التي يلعبها الإعلام، وقال إنّ "أهميته تظهّرت في حرب غزّة، حيث يلعب الإعلام دوراً رائداً في فضح مجازر وارتكابات الاحتلال الإسرائيلي بحقّ الشعبين اللبناني والفلسطيني". وتابع: "العدسات الصغيرة هي التي وثّقت الارتكابات الكبيرة، والأصوات الحرّة هي التي حرّكت ضمائر الشعوب على مستوى العالم في ظلّ تحجّر الضمائر على المستوى الرسمي". ورأى أنّ "الإعلام رسالة، وبيروت تضع يدها بيد بكين للعب أدوار تكاملية".
وختم المكاري: "من يزور جمهورية الصين ويرى بأمّ العين المستوى الاقتصادي والعلمي والتكنولوجي الذي بلغته، يُدرك أنّ قيادتها المقدامة لم تكن تسوّق للأوهام، بل كانت تخطّط وتنفّذ ما تخطّط له، وأنّ شعبها الجبار لم يكن يحلم بل كان يعمل". وأضاف: "لقد أرست الصين نظاماً عالمياً جديداً، ونجحت في كسر الأحادية العالمية بالتطوّر والنمو الداخليين، وليس بالحرب وبغزو الدول عسكرياً ونهب ثرواتها للإثراء على حساب شعوبها، وها هي نموذج عالمي يُحتذى في التطوّر الداخلي والانفتاح على العالم وإعادة تأهيل المجتمعات".
وشكر المكاري لدولة الصين الشعبية استضافتها "الكريمة المتميزة"، وقال: "عاشت الصين، عاش الوطن العربي، عاش لبنان".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك