كتبت ندى أيوب في "الأخبار":
في آب الماضي طلبت مؤسسة كهرباء لبنان من هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل إبداء الرأي في مدى جواز تسعير فاتورة الكهرباء بالدولار، فأجابت الهيئة في 19 أيلول، بجواز ذلك استناداً إلى المادة 87 من قانون موازنة 2020 التي سمحت، في حال اقتضت الضرورة، معادلة الليرة بأي عملة أجنبية بالنسبة إلى بدلات بعض الخدمات العامة. واشترطت الهيئة أن يرِد على الفاتورة القيمة بالليرة، بالإضافة إلى الثمن بالدولار بالإضافة إلى ترك الخيار للمشترك بالدفع بالليرة أو بالدولار. لكنّ المؤسّسة لم تصدر بعد أي فاتورة على هذا النحو في انتظار أن يحدّد لها مصرف لبنان سعر الصرف.
أتت هذه الاستشارة عندما اندلعت مواجهات بين وزير الطاقة وليد فياض ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي على خلفية قيام الأول بتلزيم استيراد شحنة فيول لتشغيل معامل الكهرباء. وخلصت المواجهات إلى الغاء شحنة الفيول، لأن مصرف لبنان لم يوافق على تحويل الليرات التي تجبيها المؤسّسة إلى دولارات تتيح لها استيراد الفيول، علماً أن مجلس الوزراء زاد التعرفة ورفعها لتصبح على سعر صيرفة زائد 20% حتى يتاح للمؤسّسة جمع ليرات تحوّلها إلى دولارات تستورد فيها الوقود اللازم لتشغيل المعامل. يومها اقترن قرار مجلس الوزراء بزيادة ساعات التغذية، وباتفاق على أن يبيعها مصرف لبنان دولارات مقابل الليرات التي تجبيها المؤسسة وتضعها في حسابها لديه. لكنّ رئيس الحكومة ومصرف لبنان وقفا في وجه أي تقدّم في هذا المجال، فلم تتمكّن المؤسّسة من زيادة ساعات التغذية في إطار القدرات المحدودة لاستيراد الفيول الذي يتطلّب استيراده دولارات «فريش». لذا، يبدو أن رأي هيئة التشريع والاستشارات بجواز إصدار الفواتير بالدولار مع منح المشتركين خيار تسديدها بالليرة، مدخل لزيادة ساعات التغذية، وخصوصاً أن التعرفة ازدادت وأن المؤسّسة تجبي الفواتير وفق سعر صرف يبلغ 102500، أي أعلى من سعر صرف الدولار في السوق الحرّة البالغ 89500 ليرة.
هكذا برزت أمام «كهرباء لبنان» عقبتان تؤخّران بدء التنفيذ، ولمّ الدولارات. الأولى مرتبطة بسعر الصرف الواجب اعتماده في الفوترة، وسط تعددية أسعار الصرف. فهل تعتمد سعر السوق الموازية (89 ألف ليرة للدولار) أم تبقي فواتيرها وفق السعر المعتمد حالياً (سعر صيرفة يضاف إليه 20% منه، ما يوازي 103 للدولار)، أم أنّ لدى منصوري اقتراحاً آخر؟ وقبل شهرين طلبت «كهرباء لبنان» من منصوري إعلامها بسعر الصرف المفترض اعتماده، ثم اجتمع مجلس إدارتها بمنصوري قبل نحو أسبوعين. وبحسب المصادر، فإن منصوري أبلغهم بأنه لا يقرّ بوجود سعر صيرفة مضافاً إليه 20%، وأن تحديد سعر الصرف لا يقع ضمن مسؤولياته، وأنه سيواصل تحويل الليرات إلى دولارات ضمن المبلغ المتّفق عليه شهرياً والذي يكاد يكفي لتغطية كلفة تشغيل المعامل وصيانتها.
في هذا الوقت، تحرّك فياض منبّهاً «كهرباء لبنان» من النتائج السلبية للتأخر في إصدار الفواتير بالدولار، كتراكم الإصدارات غير المَجبيّة، والمتوقّع أن يصل مجموعها إلى نحو 400 مليون دولار، مطالباً إياها بإفادته بالخطوات التنفيذية التي تنوي اتخاذها، مقترحاً عليها السير بالفوترة على أساس السعر المعتمد حالياً، إلى حين أن يُصبح مصرف لبنان جاهزاً لتحديد سعر صرف يراه مناسباً. إلا أن اقتراح فياض، حتى وإن سارت به «كهرباء لبنان»، سيصطدم بعقبة ثانية، تعمل المؤسسة على تذليلها، من خلال مراسلة وزير المالية يوسف الخليل أول من أمس، تسأله عن كيفية تسعير رسم الطابع المالي والضريبة على القيمة المضافة (TVA)، التي تتضمّنها الفاتورة، وإذا ما كان يُفترض تسعيرها هي الأخرى بالدولار وتسديدها لوزارة المالية أم استثناؤها من الدولرة واستمرار احتسابها بالليرة؟
تأتي خطوة دولرة فاتورة الكهرباء باعتبارها خطوة استكمالية لزيادة التعرفة، لكنّ المسؤولين في وزارة الطاقة يرونها وسيلة لتمكين مؤسسة الكهرباء من الحصول على دولارات نقدية تحرّرها من اللجوء إلى مصرف لبنان طلباً للدولار كلما احتاجت إليه.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك