كتبت ميساء عبد الخالق:
مع بداية هذا الشهر اقترب لبنان من إكماله عام على فراغه الرئاسي في ٣١ تشرين الاول الجاري وسط تفاقم أزماته المعيشية والاقتصادية وزيادة احباط الشعب اللبناني مع أمل ورجاء بنجاح المساعي القطرية في حل الأزمة اللبنانية نظرا لنجاح الدوحة في حل الأزمات اللبنانية في ظروف مماثلة وذلك مع وضع حد للازمة اللبنانية العام 2008 بعد اتفاق الدوحة" الذي توصلت اليه القوى السياسية اللبنانية في 21 أيار 2008 في الدوحة وهو الاتفاق الذي يمثل نهاية لـ 18 شهراً من الأزمة السياسية في لبنان التي شهدت بعض الفترات منها أحداث دامية، حيث انتهت الازمة بانتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية اللبنانية آنذاك.
ودولة قطر هي احدى الدول المشاركة في المجموعة الخماسية بشأن لبنان حيث استضافت الدوحة في 17 تموز الماضي الاجتماع الثاني للمجموعة الخماسية بشأن لبنان بمشاركة المملكة العربية السعودية، وجمهورية مصر العربية، والولايات المتحدة الأمريكية، والجمهورية الفرنسية الى جانب دولة قطر.
وقد مثل دولة قطر في الاجتماع آنذاك الدكتور محمد بن عبدالعزيز بن صالح الخليفي، وزير الدولة بوزارة الخارجية. وأكد الخليفي في كلمة أمام الاجتماع، أن هذا اللقاء يعقد "من أجل إيجاد آليات لمساعدة لبنان في تجاوز حالة الشلل السياسي، وفي مواجهة أزمته الاقتصادية انطلاقا من واجبنا الإنساني، وإدراكا منا لأهمية لبنان في محيطه العربي والدولي"، مشددا في هذا السياق على أن الحلول لا يمكن أن تكون إلا على أيدي اللبنانيين، بما يلبي تطلعات الشعب اللبناني الشقيق في مسيرة التنمية والتقدم.
وقال وزير الدولة بوزارة الخارجية القطرية في كلمته آنذاك إن وضع رؤية جامعة من أجل إعادة الانتعاش إلى الوضع الاقتصادي في لبنان هو أمر ملح، معربا عن أمله في الاستمرار في العمل ومتابعة الجهود التي بذلت في الاجتماع الأول في باريس، وإيجاد حلول وآليات إضافية تمكن لبنان وشعبه الشقيق من الخروج من هذه الأزمات مع الحفاظ على سيادته واستقلاله، مؤكدا على موقف دولة قطر من الوقوف بجانب لبنان وشعبه الشقيق ودعم الجهود الدولية التي تؤدي إلى وحدته واستقراره. وتنطلق مساعي الدوحة الحثيثة بهدف إيجاد آليات لمساعدة لبنان في تجاوز حالة الشلل السياسي، وفي مواجهة أزمته الاقتصادية انطلاقا من وقوفها الدائم الى جانب لبنان والشواهد على ذلك كثيرة ومنها اتفاق الدوحة ومساعدة لبنان في اعادة الاعمار بعد العدوان الاسرائيلي على لبنان العام ٢٠٠٦ الى جانب المساعدات السخية التي تقدمها للجيش اللبناني بما يدعم الأمن والاستقرار في لبنان كون الجيش بات الملاذ الوحيد للبنان في ظل أزماته المتراكمة اضافة الى ما قدمته من مساعدات طبية عقب انفجار مرفأ بيروت العام 2020.
كما تتوافق مساعي الدوحة لحل الأزمة اللبنانية مع مقاربتها التي تعتمدها في حل الأزمات انطلاقا من إيمانها بتسوية الخلافات والمنازعات بالحوار والمفاوضات، والوسائل السلمية الأخرى التي تتسق مع مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. وقد دل الحرص القطري على لبنان انطلاقا من الخطاب الذي ألقاه الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر في الجلسة الافتتاحية للجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة في دورتها الثامنة والسبعين التي عقدت في 20 من سبتمبر الماضي حيث تطرق فيه الى الأزمة اللبنانية منبها من الخطر المحدق بمؤسسات الدولة مؤكدا على ضرورة حل أزمة الفراغ الرئاسي حيث قال أمير دولة قطر "في لبنان الشقيق حيث أصبح الخطر محدقا بمؤسسات الدولة، نؤكد على ضرورة إيجاد حل مستدام للفراغ السياسي وإيجاد الآليات لعدم تكراره، وتشكيل حكومة قادرة على تلبية تطلعات الشعب اللبناني والنهوض به من أزماته الاقتصادية والتنموية، فمن المؤسف أن يطول أمد معاناة هذا الشعب الشقيق، بسبب الحسابات السياسية والشخصية".
وتستمر الدوحة بمساعيها لحل الأزمة اللبنانية من خلال تواصلها مع القوى السياسية في لبنان في محاولة لاحداث خرق في جدار الأزمة اللبنانية ومنها زيارة السيد محمد عبد العزيز الخليفي وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية الى لبنان شهر ابريل الماضي والتي التقى خلالها عددا من المسؤولين اللبنانيين حيث اطلع منهم على الوضع الراهن مع تأكيده حرص الدوحة على استقرار لبنان. ويعول لبنان على المستويين الرسمي والشعبي على دور الدوحة في حل الأزمة اللبنانية وذلك بعد فشل المساعي الفرنسية في ايجاد حل واتهامها من قبل بعض القوى السياسية اللبنانية بالوقوف الى جانب فريق ضد آخر ( وتحديدا محاولة اقناع المجتمع الدولي بوصول السيد سليمان فرنجية رئيس تيار المرة الى رئاسة الجمهورية) وقد تبلورت عدم نجاح المساعي الفرنسية بعد زيارة موفد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الوزير السابق جان ايف لودريان شهر سبتمبر الماضي وهي الزيارة الثالثة له في غضون اشهر والتي أمل خلالها في أن تكون المبادرة التي أعلن عنها رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري والتي تدعو الى حوار بين الفرقاء في لبنان بداية مسار الحل ، في حين اعتبرت اوساط لبنانية رسمية وشعبية ان دعوة لودريان للحوار تمثل فشلا للمبادرة الفرنسية خاصة ان رئيس مجلس النواب اللبناني كان كرر دعواته الى الحوار اكثر من مرة دون أن يلقى آذانا صاغية.
وسط تفاقم الوضع في لبنان على المستويين السياسي والاقتصادي، يعول اللبنانيون على توصل الدوحة الى حل للأزمة اللبنانية لان اتفاق الدوحة ابرز الشواهد في التاريخ الحديث على نجاحه في حل الازمة اللبنانية الى جانب حرص الدوحة على استقرار الوضع في لبنان وعلاقتها الجيدة مع كل الفرقاء في لبنان دون الوقوف مع طرف ضد آخر والتي تتبلور ايضا في المواقف التي تصدر عن الدوحة في كل مناسبة مع الحرص على التواصل مع كل الاطراف اللبنانية والتي ظهرت ايضا من خلال الزيارات التي يقوم بها الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، سفير دولة قطر الجديد لدى الجمهورية اللبنانية، الى كل الفرقاء في لبنان . وعلى الرغم من هذه الغيوم السياسية والاقتصادية المتلبدة في سماء لبنان تؤكد مصدر دبلوماسية عربية ان لبنان لا يموت وهذه الازمة الطويلة والغير مسبوقة ستمر لان لبنان بلد الحريات ونظرا لما يتمتع به شعب لبنان من ثقافة وتميز في مختلف المجالات. وتؤكد المصادر نفسها ان لبنان سيعود منارة في هذا الشرق رغم هذه الغيمة العابرة.
اللبنانيون بين الأمل والرجاء فهل تستطيع الدوحة بحكمتها وحرصها على حل الازمات عربيا ودوليا في التوصل الى حل للازمة اللبنانية وسط معاناة الشعب اللبناني المتواصلة منذ تفاقم الازمة الاقتصادية اواخر ٢٠١٩ وصولا الى ازمة الفراغ الرئاسي العام ٢٠٢٢ والمستمرة لغاية اليوم مع تداعيات كارثية على كافة القطاعات وعلى الأوضاع المعيشية والحياتية.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك