كتبت مريم حرب في موقع mtv:
مع أوّل مطبعة في الشرق، خطّ لبنان منذ العام 1585 ريادته في قطاع المطابع. ومن كتاب المزامير الذي طُبع سنة 1610، واكب هذا القطاع المكننة والتكنولوجيا وظلّ محافظًا على وجوده رغم الأزمات التي مرّت على لبنان. يُكافح قطاع المطابع ليستمرّ وسط تحوّل العالم من الورقي إلى الرقمي إلّا أنّ الأزمة الاقتصادية فعلت فعلها.
انخفض عدد المطابع في لبنان بنسبة 85 في المئة، فمن 4000 مطبعة لا تزال مئات فقط قادرة على تأمين خدمة الطباعة. فتعدّد سعر الصرف وصعوبة تأمين الأجور للموظفين وارتفاع فاتورة الكهرباء وتراجع نسبة الزبائن دفع بالقسم الأكبر من المطابع إلى الإغلاق.
يُسعّر هذا القطاع فاتورته بالدولار قبل الأزمة الاقتصادية، لكونه يستورد الورق والكرتون من الخارج. لكن مشكلة النوعية باتت تشكلّ تحديًّا للمطابع ولزبائنها الذين هم بدورهم قللوا من كمية إنتاجهم وبالتالي كمية المطبوعات. هذا الواقع أدّى إلى تراجع مداخيل المطبوعات إلى 8 في المئة من مجموع المداخيل قبل الأزمة.
وفي وقت كانت كلفة طباعة بطاقات دعوة و"بروشورات" تراوح بين 1300 دولار و1500 دولار وأكثر في بعض الأحيان، استفاد معظم الزبائن من التحوّل الرقمي لتوفير هذه المبالغ والإكتفاء بكلفة التصميم.
أمام هذا الواقع، يبقى مجال التغليف الأكثر طلبًا عليه بين مختلف المطبوعات. وقد وجدت بعض المطابع اللبنانية في الأسواق الخارجية باب فرج لتخطي الصعوبات عبر تأمين الفريش دولار. إذ باتت هذه الخدمة قادرة على المنافسة نتيجة انخفاض كلفة اليد العاملة اللبنانية. إلّا أنّ التوسّع نحو الخارج دونه عقبات كثيرة. فبعد أن كانت السعودية سوقًا كبيراً للمطابع اللبنانية، أدى الفتور في العلاقة بين لبنان والمملكة إلى تأثّر هذا القطاع سلبًا وتراجع كمية التصدير. كما أنّ التصدير إلى الدول الأوروبية يتطلّب شروطًا قد تكون تعجيزية لبعض أصحاب المطابع من بينها فتح حسابات مصرفية، الأمر الذي بات صعبًا.
جال موقع mtv على عددٍ من المطابع وسأل أصحابها عن الصعوبات التي يعانون منها، فكشفوا أنّ التحدي الأكبر يكمن في تأمين فاتورة الكهرباء وتعدّدها بين كهرباء الدولة والمولّدات وفاتورة المازوت. وقد عمدوا إلى تخفيف عدد الموظفين وإغلاق طوابق لتخفيف الفاتورة الكهربائية وتخفيف الكلفة إلى حدّها الأدنى.
لا يعلّق أصحاب المطابع كثيراً على تأثير التحوّل الرقمي على مصالحهم لأنّه سيستمرّ في ظل الحاجة إلى التغليف، لكنّهم يتخوّفون فعليًّا من أزمة الكهرباء وفاتورتها الملغومة. وذكر أصحاب هذه المطابع أنّ الحلّ لا يمكن أن يكون باستخدام الطاقة الشمسيّة لعدم قدرتها على تشغيل الآلات.
ينتظر قطاع المطابع على قارعة الطريق ريثما تحلّ الأزمة الاقتصادية. يرفع الصوت لإيجاد حلّ جذري لملف الكهرباء، لكن على من يقرأ مزاميره.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك