أكد وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناصر ياسين "أن التغيّر المناخي يحصل، وتأثيراته مخيفة وستضاعف من أزماتنا الحالية، والتعاطي معه من قبل القطاعات والوزارات والمنظمات غير الحكومية يجب أن يكون أكثر جدية"، مشيراً إلى "أن اخطار المناخ وتأثيراتها حقيقة، وان لم نقاربها بجدية ستكون انعكاساتها خطيرة وجمة على الامن الزراعي والغذائي، حيث سيؤثر ارتفاع درجات الحرارة والجفاف وموجات الحر على المحاصيل الزراعية بشكل كبير، خصوصاً أن سهل البقاع ومناطق داخلية زراعية اخرى ستكون أكثر عرضة".
كلام وزير البيئة جاء خلال مؤتمر نظّمته "الحركة البيئية اللبنانية"، بالتعاون مع مؤسسة "فريدريتش ناومان" تحت عنوان "الحوار الوطني حول تغيّر المناخ"، حيث ألقى كلمة جاء فيها "لنتخيّل خلال الـ30 سنة المقبلة:
- الايام التي ستكون درجة الحرارة فوق الـ35 و40 درجة مئوية تتضاعف، تخايلوا البقاع والمناطق الساحلية.
- موجات الحر تزداد حدة ووتيرة في بعلبك وشمال لبنان وجنوبه.
- أيام بقاء الثلج على جبال لبنان تنخفض من 110 ايام الى 45 يوماً.
- المتساقطات تنخفض أكثر من 9 في المئة خلال الاعوام الـ30 المقبلة والجفاف يضرب مناطق جنوب لبنان المزروعة".
وقال: "هذه بعض النتائج التي تضمنها تقرير البلاغات الوطنية الرابع لاتفاقية الامم المتحدة لتغير المناخي والذي اطلقناه منذ أسبوعين كوثيقة رسمية تتضمن قوائم الجرد لانبعاثات الغازات الدفيئة في لبنان للفترة الممتدة بين 2016 و2019، ولمحة عامة عن الترتيبات المؤسسية المرتبطة بالقياس والإبلاغ والتحقق، وكذلك معلومات محدثة عن مخاطر تغيّر المناخ ومكامن الضعف التي يواجها لبنان وفقاً لآخر التقييمات العالمية والإقليمية، وكيفية تحسين القدرة على التخفيف والتكيف".
وأضاف: "يضع التقرير تقديرات مخيفة لتأثيرات التغيرات المناخية ومخاطرها على لبنان والتي من المحتمل أن تحصل في منتصف هذا القرن بين 2040-2060 (اي خلال 30-40 سنة المقبلة) وتزداد مع نهاية القرن، والتي تستوجب مقاربتها بجدية والتخطيط للتكيف معها من قبل كل القطاعات.
من ناحية ارتفاع الحرارة، من المتوقع حصول زيادة في متوسط الحرارة من 1،6 درجة مئوية إلى 2،2 درجة مئوية بحلول منتصف القرن (2040-2060) عند مقارنتها بالفترة المرجعية من 1986 إلى 2005. ومن المحتمل أن ترتفع الحرارة مع نهاية القرن 4،9 درجات مئوية. وتحدث الزيادة استناداً إلى كل فصل من الفصول، وهي أكثر تجلياً في فصلي الصيف والخريف. وسيكون سهل البقاع وغالبية المناطق الساحلية في مختلف أنحاء لبنان الأكثر تأثراً من هذه الزيادة.
أما المتساقطات فمن المتوقع أن تتراجع بنسبة 6،5 في المئة لتبلغ 9 في المئة بحلول منتصف القرن لتبلغ 22 في المئة بحلول نهاية القرن. وسترتفع أيام الجفاف المتتالية في كل المناطق للفترة ما بين 2021 و2040 وللفترة ما بين 2041 و2060، بالرغم من أن هذه الزيادة أكثر تجلياً في المناطق الجنوبية وعلى طول امتداد الساحل. وبالاستناد إلى العديد من المؤشرات المتعلقة بالمتساقطات، من المتوقع أن يتزايد خطر الجفاف نحو العام 2050 بحسب كل السيناريوهات.
أما موجات الحر فمن المتوقع حدوث ارتفاع في مدة وحدة هذه الموجات، حيث ستتضاعف الايام التي ستفوق فيها الحرارة 35 درجة مئوية و40 درجة مئوية خلال الـ30 سنة المقبلة، مقارنة مع الفترة المرجعية ما بين العامين 1995 و2014 مع زيادة تتجلى أكثر في فصل الصيف في المناطق الساحلية كما الداخلية من لبنان.
من المتوقع أن تزداد الأحداث المتفاقمة والمتطرفة من موجات الحر والجفاف بمعدل خمسة أضعاف تقريباً للفترة الواقعة بين العامين 2041 و2060، مقارنةً مع الفترة المرجعية ما بين العامين 1986 و2005. وستظهر الزيادة من خلال 15 موجة حادة اضافية في المناطق الداخلية للبنان (سهل البقاع) وأكثر من 20 حادة اضافية في المناطق الشمالية الشرقية (بعلبك الهرمل واجزاء من الشمال) والجنوبية الشرقية منه (بنت جبيل ومرجعيون وحاصبيا)".
وسأل ياسين "ماذا يعني ذلك؟ ان اخطار المناخ وتأثيراتها حقيقة، وان لم نقاربها بجدية ستكون انعكاساتها خطيرة وجمة على الامن الزراعي والغذائي حيث سيؤثر ارتفاع درجات الحرارة والجفاف وموجات الحر على المحاصيل الزراعية بشكل كبير، خصوصاً ان سهل البقاع ومناطق داخلية زراعية اخرى ستكون اكثر عرضة. كما سيكون لهذه التغيرات، خصوصاً الارتفاع في حدة ومدة موجات الحر، تأثيرات صحية كبيرة على الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الحضرية بالإضافة إلى تنامي الاحتياجات إلى استهلاك الطاقة تلبية لاحتياجات التبريد. وسيؤثر الارتفاع في الموجات الحادة واحوال الطقس المتطرفة بشكل كارثي على ازدياد في وتيرة حرائق الغابات وحدتها.
ما العمل؟
أولاً: تعزيز تكيّف كل القطاعات، وهو ما تعمل عليه وزارة البيئة واطلقته في تقرير "مساهمة لبنان المحددة وطنياً"، بدءاً من الحاجة الى تحسين قدرة القطاع الزراعي على الصمود والتأقلم مع هذه التغيرات، والعمل بجدية على الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية خصوصاً الادارة المستدامة للمياه، وإدارة التنوع البيولوجي البري والبحري، وادارة مستدامة للاراضي يكون التكيف مع تأثيرات التغير المناخي في صلبها للحد من تعرضها لتلك التأثيرات مثل حماية السواحل وقمم الجبال واحواض الانهر، وكذلك ضمان الصحة العامة والحد من مخاطر الكوارث والجهوزية لها خاصة حرائق الغابات والفيضانات.
ثانياً: العمل على تعزيز استخدام التكنولوجيا في تعزيز التكيف خصوصاً في أربعة قطاعات هي: الطاقة والنقل والزراعة والمياه، حيث نعمل في الوزارة على اقتراح خطط عمل في مجال التكنولوجيا من شأنها أن تعزز استعمال أكثر للتكنولوجيات المراعية للمناخ في لبنان (مثلاً استخدام عدادات مياه ذكية وغيرها من التقنيات المتوفرة).
ثالثاً: الاستفادة أكثر من فرص التمويل المناخي حيث تعمل الوزارة على تحسين جهوزية لبنان للاستفادة من الصندوق الاخضر للمناخ، وكذلك تنظيم التمويل من المرافق الاخرى بما يوائم خطط الوزارة على تعزيز قدرات لبنان على التكيف مع التغير المناخي.
رابعاً: زيادة الوعي عند المجتمع حول قضايا التغير المناخي، خصوصاً عند الاجيال الشابة حيث سنعمل اكثر على اشراك جيل الشباب في برامج مكافحة التغير المناخي".
وختم: "التغيّر المناخي يحصل، وتأثيراته مخيفة وستضاعف من ازماتنا الحالية، والتعاطي معه من قبل القطاعات والوزارات والمنظمات غير الحكومية يجب ان يكون اكثر جدية". فلنتذكر أن "من لعب بعمره ضيّع أيام حرثه ومن ضيّع أيام حرثه ندم أيام حصاده".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك