كتبت لارا يزبك في "المركزية":
وجّه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي السبت، دعوة الى النواب المسيحيين، للمشاركة في يوم اختلاء روحي وصلاة، الأربعاء 5 نيسان المقبل في حريصا. غداة هذه الخطوة، أضاء الراعي على أهمية الحوار، واستفاض في عظته امس، في تعداد حسناته. فقال: إن القديس يوسف نموذج للحوار مع الله والناس. وهذا مطلوب من كل إنسان، وعلى الأخص من كل مسؤول في العائلة والكنيسة والمجتمع والدولة. أساس الحوار هو الإصغاء أولا لما يقوله الله، علما أن الله يكلمنا بشكل دائم بشخص المسيح، بكلام الإنجيل، بتعليم الكنيسة، بالإخوة الفقراء والمعوزين، بأحداث الحياة حلوها ومرها، بشخص خدمة الكهنوت والمكرسين، وبصوت الضمير. إن كلام الله "نور وحياة"، بدونهما تخبط في الظلمة، وشلل العقل عن الحقيقة، والإرادة عن الخير، والقلب عن الحب والمشاعر والإنسانية. الحوار مع الناس يتأسس هو أيضا على الإصغاء. نسمعهم بما يقولون، ويتألمون، ويتوقون. ونسمعهم عندما نسبقهم إلى تلبية مشاعرهم وحاجاتهم قبل أن يتكلموا ويتظاهروا وينتفضوا. فالمسؤول هو الذي يصغي ويبتكر ويميز حاجات الذين هم في دائرة مسؤوليته. لا تستطيع الجماعة السياسية ممارسة السياسة بمعزل عن الحوار الصريح والمتجرد، بالإصغاء المتبادل وتمييز القرار الواجب إتخاذه، من دون فرض الرأي عنوة، ومن دون حسابات مخفية، وبمعزل عن السعي الدؤوب إلى توفير الخير العام، الذي فيه تجد معناها ومبرر وجودها، والذي يشكل الأساس في حقها بالوجود.
وإذ لا تستبعد مصادر سياسية مراقبة ان يكون الراعي في كلماته هذه، يريد حث القوى المسيحية على تلبية دعوته على أوسع نطاق، كان التيار الوطنيّ الحرّ أوّل المتجاوبين، علمًا أنّ رئيسه النائب جبران باسيل كان صاحب فكرة جمع المسيحيين في بكركي وهو يطرحها على الراعي منذ أشهر. أمس، و بتكليف من باسيل، زار النواب نيكولا الصحناوي، سيزار ابي خليل وجورج عطاالله البطريرك الراعي في بكركي، حيث أبلغوه تلبية نواب التيار لدعوة التأمل والصلاة التي أطلقها، آملين أن "يكون هذا اللقاء مناسبة لاستلهام التعاليم والقيم المسيحية في مقاربة الاستحقاقات الوطنية كافة".
تكتل "الجمهورية القوية" من جانبه، يجتمع مساء اليوم لتحديد موقفه، وخياراتُه تتراوح بين المشاركة الكاملة وبين إرسال وفد عنه يمثله في حريصا، إلّا أنّ مشاركته في اللقاء محسومة.
لكن بحسب المصادر، فإن الدعوة إلى الصلاة يبدو اعتُبرت المخرج الأنسب لبكركي بعد أن كلّفها البطاركة المسيحيون التحرك رئاسيًّا منذ أسابيع. ذلك أنّ جولة المطران انطوان ابي نجم على القيادات المسيحية لم تتمكن من تحقيق خرق لافت في جدار الازمة، كما ان دعوة رؤساء الأحزاب أو الكتل المسيحية الى اجتماع تحت عنوان "سياسي"، يُخشى ألا يخرج بأي جديد، بما ان الراعي يبدو اقتنع بوجهة النظر التي تقول إن المشكلة الرئاسية ليست مسيحية مسيحية فقط.. فكان الحل، بدعوة النواب كأفراد، الى لقاء عنوانه "روحي".. فإذا أنتج خيراً رئاسيًا - وهو أمر مستبعد حتى الساعة- كان به. وإذا لم يفعل، لن يظهر اللقاء وصاحب الدعوة اليه، على أنّهما فشلًا، بما أنّ عنوانه الأساس، لم يكن سياسيًا.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك