كتبت ميريام بلعة في "المركزية":
رمى رئيس "التيار الوطني الحرّ" النائب جبران باسيل، ممثلاً بوزارة الطاقة والمياه، قنبلة في وجه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، بدت بمثابة ردّ "صفعة" انعقاد مجلس الوزراء بنصابٍ قانوني راهن باسيل على استحالته...
في بيانٍ مفاجئ على رغم أنه مطلب مزمن محلياً ودولياً، أعلنت وزارة الطاقة اليوم عن إطلاق إجراءات التوظيف لأعضاء "الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء"، وفيه "التشديد على إلزاميّة تعديل عدد أعضاء الهيئة ليصبح 6 بدل 5 كما جاء في القانون تماشياً مع مقتضيات الميثاقية والدستور الذي ينصّ على المناصفة في وظائف الفئة الأولى أو ما يعادلها..."، علماً أنه سبق للرئيس ميقاتي أن كشف في 27 تشرين الثاني الفائت أن "وزير الطاقة وليد فيّاض فاجأنا بالإعلان عن استقبال طلبات 6 أعضاءٍ للهيئة الناظمة للكهرباء فيما المطلوب كان الإعلان عن 5 أعضاء للهيئة الناظمة (رئيس و4 أعضاء) وأرسلت كتاباً بهذا الشأن لفيّاض لأن في ذلك مخالفة واضحة للقانون"، ليختم "إنني أتعاطى مع فريق سياسي همّه التعطيل"!
إذاً، جبهة التجاذبات مفتوحة على مصراعيها بين باسيل من جهة وميقاتي من جهة أخرى والتي قد تُصيب باتفاق مار مخايل مقتلاً بعدما وجد باسيل نفسه أمام حليفٍ "خانه" منذ التجربة السياديّة الأولى.
وعلى رغم أن "الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء" هي مطلب الضرورة لصندوق النقد الدولي، تبقى مادة دسمة للابتزاز السياسي والمساومات الانتخابيّة... لذلك فهي معرَّضة للإجهاض قبل أن تولد على وقع المخاطر التحاصصية والمشادة "الوجوديّة" السياسيّة.
المحاصصة حاصلة لا محالة..
الخبير في شؤون الطاقة الدولية عبود زاهر لا يستبعد المحاصصة السياسية في إنشاء "الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء"، ويقول لـ"المركزية": كل ما يتعلق بتعيين أعضاء هيئات وصناديق وغيرها في لبنان يخضع للمحاصصة السياسية موزَّعة على الأفرقاء كافة من كل الطوائف منذ 30 عاماً إلى اليوم، وبالتالي ستكون المحاصصة السياسية مصير "الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء" على أن يتوزَّع أعضاؤها على المسؤولين السياسيين الذين يمثلون الطوائف المسيحية والشيعية والدرزية...إلخ. من هنا لا مفرّ من المحاصصة شئنا أم أبينا.
وعن مدى تحريك تشكيل الهيئة الناظمة اتفاقية صندوق النقد الدولي، يقول: لا بدّ من إنشاء "الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء" كما في كل دول العالم، وخصوصاً في لبنان يجب أن يكون هناك مثل هذه الهيئة تتمتّع بصلاحيات مستقلة بدل أن يكون ملف الكهرباء مرتبطاً بكامله بوزير الوصاية فقط دون سواه. فقطاع الكهرباء في لبنان يتطلب عشرات السنين كي يتمكن من النهوض ويستعيد تنظيمه وعافيته وإنتاجيّته... إذ لا يجوز أن يحضّر وزير طاقة على مدى سنة أو أكثر مشاريع تخصّ ملف الطاقة، وعند انتهاء ولايته يأتي وزير آخر ليبدأ من الصفر كما يحصل منذ عشرين عاماً حتى اليوم. لذلك لا شيء يمنع من إنشاء "الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء" لتنظيم القطاع ووضع رؤية علميّة واضحة وبالتالي تأمين ديمومة مشاريعه التطويرية.
ويلفت هنا إلى "المشاريع الترقيعيّة التي يلجأون إليها من هنا وهناك"، ويقول: منذ سنة ونصف السنة وعدوا اللبنانيين بعشر ساعات تغذية ولم يحصلوا منها سوى على 4 ساعات متقطعة وحتى أقل في بعض المناطق، فيما انعدمت في غالبية المناطق في منتصف العام الجاري.
وفي معرض الحلول المُنقِذة، يستعجل زهر حلولاً مُلحَّة "من بينها:
- العمل على مَدّ كابل بحري من مصر مباشرةً إلى لبنان لتزويده بالكهرباء بدل الغاز، بأسعار مقبولة ومولَّدة من الغاز المصري وتوضع تلقائياً على الشبكة، وذلك بدل استجرار الغاز من مصر عبر الأراضي السورية ومعوقاته.
ويُضيف: إذا أرادت مصر أن ترفد لبنان بدعم أكبر، فيمكنها تسليمه كهرباء مستخرَجة من الطاقة المتجدّدة، عندها بدل أن تكون كلفة الكيلواط/ساعة بـ9 و10 سنتات تصبح بـ4 و5 سنتات.
إنشاء ما يسمَّى Solar Parc على سطح البحر يكون قريباً على معمل الزوق الحراري أو معمل الجيّة بكلفة مقبولة، لا أن يكون على البرّ. عندئذٍ يتأمّن للبنانيين كهرباء من الطاقة الشمسيّة في غضون ستة أشهر.
ويخلص زهر إلى القول: إن الحلّين المذكورَين الكابل البحري والـ Solar Parc، في حال وجدت القوانين الصحيحة والعصرية، ينفذهما القطاع الخاص من دون أن تتكفل الدولة اللبنانية بشيء... وكلها حلول سريعة التنفيذ. هناك أفكار كثيرة متطوّرة، فالعالم يتغيّر ويتقدّم بسرعة. لذلك لا يمكن للبنان الاستناد إلى معلومات من العام 1990 لتنفيذ مشاريع لسنة 2023!
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك