كتب طلال عيد في "المركزية":
يطالب خبير المخاطر المصرفية الدكتور محمد فحيلي باعادة الحياة الى الاقتصاد اللبناني، ويرى ان الممر الالزامي لذلك هو سلامة القطاع المصرفي واموال المودعين.
ويقول فحيلي لـ"المركزية": الحديث اليوم عن إعادة هيكلة المصارف و/أو عودة الانتظام إلى القطاع المالي، ومن وحي ما حصل في ساحل كسروان من أيام قليلة (كفر حباب وجونية)، أوضح الأخطاء في مقاربة الحلول للأزمة المالية. إذ يهطل في لبنان سنويًا حوالى 800 ملم من المتساقطات، أي ما يعادل 8200 مليون م3. هذه نعمة رب الكون على لبنان. ومن المؤكد بأنها ستتحوّل إلى نقمة مدمرة وقاتله لو سقطت كلها في ليلة واحدة!
ويسأل "لماذا الاهتمام بنسبة هطول الأمطار؟" يجيب: لأن هناك شبهاً كبيراً مع وضع أموال المودعين في المصارف إيداعاً وسحباً. لو تم إيداع كل مليارات المودعين في يوم واحد، لما استطاعت المصارف تحمل ذلك، وقد تتكبد خسائر كبيرة من استقبال هذا الكم من التدفقات النقدية في يوم واحد. الشيء ذاته يحصل إذا سقطت طلبات سحب الودائع كلها في يوم واحد. لن تستطيع المصارف تلبية هذه الطلبات. وإذا بفضل معجزة، استطاعت المصارف تلبية هذه السحوبات، سوف تُحدث ارتفاعاً حاداً ومفاجئاً في الكتلة النقدية وسوف تُتَرجم ضغوطات تضخمية تضرب القدرة الشرائية بشكل موجع.
ويضيف: هنا "الكذبة الكبيرة" التي يجري الكلام عنها في خطة التعافي المالي أو مقاربة الحكومة لحل الأزمة المالية في لبنان. الخطة لا تشبه التعافي، ونابعة من قراءة خاطئه للأزمة في لبنان. هناك أزمة مالية وهي تراكمات لأخطاء حصلت على مدة 30 سنة. وهذه الأزمة، بسبب سوء إدارتها في العديد من المحطات والاستحقاقات، تسببت بأزمات متعددة الجوانب وتركت تداعيات كبيرة على القطاع المصرفي وعلى أموال المودعين.
ويرى أن "أي حل يؤدي إلى:
- الطلب على سحب الودائع كلها في ضربة واحدة (تشرين 2019)
- عدم سداد دين الدولة بضربة واحدة (آذار 2020) وما تبعها من تداعيات واقتراحات للحلول ...
- عدم دفع توظيفات المصارف لدى مصرف لبنان بضربة واحدة.
- شطب أموال المودعين في ضربة واحدة.
- دفع أموال المودعين بضربة واحدة.
كله يشبه هطول أمطار سنة كاملة في يوم واحد؛ سيكون قاتلاً لمؤسسات لبنان التجارية وللمواطن اللبناني".
ويقول: المطلوب ليس الخطابات الرنانة والوعود الفارغة والحلول المستحيلة. بل من الممكن إعادة الحياة إلى الاقتصاد اللبناني، والممر الإلزامي لذلك هو سلامة القطاع المصرفي وأموال المودعين. وهذا يعني شيئاً واحداً ان إعادة الحياة إلى الاقتصاد هي من إعادة الحياة إلى العلاقة بين المصارف والمودعين، وهنا يجب أن تنصب كل الحلول. التركيز يجب أن يكون على:
- وجود مؤسسات مصرفية قابلة للاستمرار في خدمة الاقتصاد اللبناني. القطاع المصرفي (بغض النظر عن عدد المصارف) المتمكن هو الممر الإلزامي لأي تعافٍ اقتصادي.
- توفير الموارد لمعالجة المصارف غير القادرة على الاستمرار لتفادي تداعيات سلبية إضافية على المواطن المودع في هذه المؤسسات الهالكة.
- ترميم الثقة بين المصارف والمودعين حتى يطمئن المودع الى أمواله "أينما هي"، وباستطاعته الوصول إليها لتمويل فواتير الاستهلاك.
- اهتمام الدولة بالمالية العامة وإيراداتها ونفقاتها كشرط أساسي لإعادة هيكلة وجدولة الدين العام كله، وتوزيع التزامات الدولة على جدول زمني جديد يعكس قدرتها على السداد.
- صبّ اهتمامات مكونات السلطة على إقرار وتنفيذ إصلاحات جدية وبنيوية لتجديد الثقة بالسلطة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك