شارك سفير المملكة المتحدة في لبنان إيان كولارد في إجتماع عمل في مركز رشيد كرامي الثقافي البلدي، نوفل سابقا، للبحث في مشروع إعادة تأهيل وإحياء الوسط التجاري لطرابلس التل، وفق مشروع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP الممول من سفارتي بريطانيا وألمانيا في لبنان.
حضر الى جانب السفير كولارد، المستشار التقني في السفارة آلان واكد، نائب رئيس بلدية طرابلس المهندس خالد الولي ممثلا رئيس البلدية الدكتور رياض يمق، رئيس لجنة الهندسة في المجلس البلدي المهندس جميل جبلاوي ومستشارة السير في البلدية الدكتورة نيفين عباس،
نائب الممثلة المقيمة لبرنامج الامم المتحدة الانمائي في لبنان محمد صالح، المستشارة التقنية المسؤولة في البرنامج مارينا لو جوديتشي، مدير منطقة الشمال في البرنامج الآن شاطري، ومسؤولة التطوير الاجتماعي والاقتصادي جنان ميتى، والمهندسة المعمارية تانيا خليل. كما حضر الدكتور مقبل ملك ممثلا غرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس والشمال ولجنة مالكي الأبنية والعقارات في التل، وعن حاضنة الأعمال في طرابلس "بيات" الدكتور فواز حامدي وفريق عمله، عضو لجنة مشروع التل ولجنة الهندسة في البلدية المهندس حازم عيش ممثلا دائرة الأوقاف الإسلامية.
بداية، تم عرض مفصل عبر شريط مصور "سلايدات"، عن مشروع التل الانمائي على كافة المستويات وتحديدا البنى تحتية.
وتحدث آلان شاطري عن "تفاصيل المشروع والتصميم العمراني المتضمن تحديث الساحات العامة ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم تقنيا وماليا وإجراء مسح شامل لساحة التل لتحديد الأولويات". وقال: "هذا المشروع أسس لعمل تشاركي مع البلدية عبر إنشاء لجنة بقرار من المجلس البلدي لمتابعة المشروع وتصاميمه، كما أسسنا لجنة حوكمة للمشروع مؤلفة من بلدية طرابلس ولجنة تقنية مع غرفة التجارة والصناعة والزراعة ولجنة مالكي العقارات ولجنة إنماء التل وتم التواصل مع نقابة سائقي السيارات العمومية في المنطقة لعرض المشروع وتفاصيله واهدافه".
ولفت إلى مراحل التنفيذ الثلاثة:إعادة تأهيل ساحة التل والساعة التاريخية بإتجاه الحديقة العامة(المنشية) وقصر نوفل غربا، أما شرقا فالعمل سيكون بإتجاه مقهى فهيم وشارع البلدية مع ترتيب الساحات والأرصفة، اما المرحلة الثالثة فتشمل الإمتداد العمراني بإتجاه الزاهرية وساحة الكورة والنجمة مع شارع التل الرئيسي، والخطة العامة تتضمن تحويل المنطقة لمنطقة مشاة و"مول" تجاري في الهواء الطلق مع إتباع المواصفات العالمية في هذه المجالات".
وقال: "تكمن أهمية رؤية المشروع في أهمية منطقة التل كمكون أساسي في نسيج مدينة طرابلس العمراني ودوره المنشود كصلة وصل بين المدينة الأثرية من جهة والأحياء الحديثة من جهة أخرى".
وعدد شاطري "دراسات التنظيم المدني والجانب الأثري وخطة السير والبنى التحتية التي واكبت تصميم المخطط العام لمنطقة التل والحلول المبتكرة التي وضعت لمواجهة التحديات لا سيما لجهة تحويل الحيز العام إلى منطقة حصرية للمشاة".
تلاه مؤسس حاضنة الأعمال في طرابلس "بيات" الدكتور فواز حامدي، الذي قدم عرضا للمسح الاجتماعي الاقتصادي الذي جرى في المدينة، لتحديد اولويات التدخل لمساعدة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم في منطقة التل سواء في شارع التل ومحيطه.
وأكد "أهمية الدور الإستراتيجي لمنطقة التل في طرابلس وان تكون خط الدفاع الأول بعد حالات تمدد الفقر في مختلف أحياء المدينة القديمة والمناطق الشعبية باتجاه المدينة الجديدة واعتبار المشروع الإنمائي مدخلا استراتيجيا للنهوض بالمدينة انطلاقا من منطقة التل".
وشكر جميع العاملين والممولين للمشروع.
وتحدث صالح فشكرالبلدية والافرقاء المشاركين في مشروع التل، كما شكر السفارة البريطانية "لتمويلها مشروع تنمية مستدامة يؤسس لقيام أنشطة متعددة ويعبر عن حاجة المدن الكبرى كطرابلس لتحديد كيفية العمل وانجاحه".
وشكر الولي في كلمته" برنامج الأمم المتحدة الانمائي والجهات المانحة والحكومة البريطانية ممثلة بسفارتها في لبنان، وفريق العمل التقني".
وتطرق الولي الى" أهمية دور اللجنة، المكونة من كل الافرقاء، في عملية التأسيس وكيفية عملها خطوة بخطوة على قدم وساق لتحقيق الهدف بإعادة التل ليكون منطقة جذب اقتصادي وسياحي ووسط تجاري مزدهر"، وقال: "رغم الظروف الصعبة التي مرت على طرابلس وكل لبنان، كانت اللجنة المختصة بساحة التل تجتمع دوريا حيث تم إنجاز الدراسة وكذلك وضع دفتر الشروط والتلزيم ان شاء الله سيتم قريبا".
من جهته، أعرب السفير البريطاني كولارد" عن سعادته وصدمته الايجابية لما شاهده وما سمعه عن اهمية المشروع في ظل أوضاع اقتصادية متردية"، وقال: "اننا نعتبر ان المشروع استراتيجي، ويجب التفكير بهكذا مشاريع حيوية لمواجهة الأزمات الصعبة التي يمر بها لبنان".
اضاف: "نرى ان طرابلس تستطيع ان تلعب دورا محوريا في نهضة الإقتصاد، وسمعنا من رئيس بلديتها الدكتور رياض يمق بان المدينة تملك مكونات وقدرات وطنية كبرى سواء من المرفأ ومعرض رشيد كرامي الدولي والمناطق السياحية وقرب المدينة من عكار التي قد يفعل فيها مطار القليعات، ونحن نتابع الاشغال في مشروع التل مع فريق عمل برنامج الأمم المتحدة الانمائي، وكذلك نحن فخورون بشراكتنا معهم لإتمام هذا المشروع الحيوي لطرابلس وكل لبنان".
بعد ذلك، جرى نقاش بين الحضور، ونوه رئيس لجنة الهندسة في المجلس البلدي المهندس جبلاوي بفريق عمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وكيفية تنفيذه الاشغال "بطريقة تشاركية بين المجتمع المحلي والبلدية والجهات المانحة وبرنامج الأمم المتحدة الانمائي للوصول الى هذه النتيجة المرضية" ، ودعا الى متابعة المشروع بنفس الوتيرة والعزم. كما دعا السفارة البريطانية الى المتابعة ليس فقط في هذه المرحلة بل في المراحل اللاحقة للمشروع".
وأكد مقبل ملك ان "الموضوع ذو أهمية كبيرة"، وقال: "بصفتي ممثلا لغرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس والشمال ولجنة مالكي الأبنية والعقارات في التل، فاني اعتبر ان المشروع فائق الأهمية، كما هو استراتيجي بامتياز. لذلك نؤكد تقديم كل الدعم للمشروع من الجهات المحلية ومن البلدية وغرفة التجارة والصناعة ونقابة المهندسين، لاننا طوال السنوات السابقة كنا نحلم بهكذا مشروع في التل طرابلس، وندعو الله ان يتحول هذا الحلم الى حقيقة في القريب العاجل بعد ان ذهب الملف باتجاه التلزيم وبدء العمل به سريعا".
كما شرحت مهندسة السير في البلدية الدكتورة عباس "أهمية خطة السير في مشروع التل وتنظيم عمل سيارات التاكسي واماكن وقوفها في نقاط حيوية اكثر مع بدء تحول كل منطقة التل الى منطقة مشاة".
وتحدث المهندس عيش باسم دائرة أوقاف طرابلس الإسلامية، شارحا "اهمية منطقة التل وتاريخها الحضاري والتراثي وما تضم من أبنية تراثية وسياحية، ودورها الاقتصادي والثقافي والعلمي، ودور مقهى التل العليا الذي تملكه الأوقاف الاسلامية". وابدى "استعداد الأوقاف لتقديم جزء مما تملكه لتيسير عمل المشروع من اجل تطوير المقهى في إطار المشروع الإستراتيجي للتنمية المستدامة".
بعد ذلك، جال السفير البريطاني والحضور سيرا على الأقدام في حديقة طرابلس العامة "المنشية"، ثم إنتقل الى التل، واطلع على المنطقة التي يستهدفها المشروع بدءا من إشارة التل الروكسي، فساعة التل، وساحة التل ومحيطها التي ستتحول بحسب المشروع الى مساحات خضراء عامة مشتركة.
ثم توجه السفير البريطاني والوفد نحو الأسواق والسرايا العتيقة، حيث اطلع على خطة إعادة جدولة السير وتنظيم وقوف سيارات التاكسي واماكن الوقوف بما يتلائم مع المنطقة دون قطع أرزاق السائقين، وذلك بالانتقال الى اماكن أكثر حيوية، بعد ان تتحول كل منطقة التل الى منطقة مشاة، مع الاخذ بعين الاعتبار كامل خطة السير داخل وخارج منطقة التل عبر خطة شاملة لتنظيم النقل المشترك وحركة السير في المناطق المحيطة بالتل لتخفيف زحمة السير.
واعتبر السفير البريطاني ان "المشروع يأخذ بكل تفاصيله القضايا البيئية والتقنية التي تحتاجها منطقة التل وكل طرابلس".
ووزعت السفارة البريطانية في لبنان بيانا عن الزيارة وجاء فيه:
"خلال زيارته الأولى لثاني أكبر مدينة في لبنان، والتي استغرقت يومين، جال السفير البريطاني في لبنان الدكتور ايان كولارد على المشاريع الممولة من المملكة المتحدة في طرابلس وضواحيها، وكانت له لقاءات مع مسؤولين في المدينة والشركاء في تنفيذ المشاريع والمستفيدين منها.
وفي رسالاته إلى أبناء طرابلس، أكد السفير كولارد دعم المملكة المتحدة المستمر لشعب لبنان في مجالات التعليم والأمن والتنمية بما فيهم الأكثر حاجة إضافة إلى اللاجئين وشباب لبنان. وكرر دعوته المستمرة إلى قادة لبنان وضع مصلحة لبنان فوق كل اعتبار والوفاء بوعودهم الإصلاحية وترجمة الطموحات إلى أفعال.
استمع السفير كولارد من رئيس البلدية الدكتور رياض يمق الى التحديات التي تواجه شباب طرابلس وتأثير الأزمة الاقتصادية عليهم واستجابة السلطات المحلية. كما ترأس كولارد ويمق جلسة نقاش مع مستفيدين من برنامج دعم المجتمعات المضيفة في لبنان، بما فيهم أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم، حيث اطلعا منهم على تأثير الأزمة الاقتصادية وكيف ساهمت المساعدات البريطانية خلال الفترة الأخيرة الصعبة في الاستجابة لبعض احتياجاتهم الملحة. بلغت استثمارات المملكة المتحدة منذ عام 2014 أكثر من 14 مليون دولار في محافظتي الشمال وعكار وذلك ضمن برنامج دعم المجتمعات المضيفة في لبنان بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ووزارة الشؤون الاجتماعية.
كما التقى السفير كولارد مجموعات شبابية من جمعية مارش لبنان غير الحكومية واطلع منهم على كيفية مساهمة "صندوق الاستقرار والأمن وحل النزاعات" البريطاني في تحويل مستقبلهم وجعلهم محفزين للتغيير، يقدمون مشاريع لخدمة المجتمع من خلال تدريب المهارات وبناء القدرات المهنية والدعم النفسي والاجتماعي.
وزار السفير كولارد منشأة تدريب اللواء 12 التابع للجيش اللبناني التي تم بناؤها بدعم من المملكة المتحدة ضمن مشروع مشترك بمبادرة من جمعية مارش لبنان لتعزيز التعاون المجتمعي والعسكري.
ومن خلال دعم المملكة المتحدة لبرنامج "مبادرة عدم ضياع جيل" مع منظمة اليونيسف، زار السفير كولارد جمعية أجيال العرب في المنية - للتعليم غير الرسمي تحت اشراف جمعية طفل الحرب - وانضم الى صف التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة مع من هم أكثر ضعفا من الفتيان والفتيات. واستمع من الموظفين والمعلمين عن كيفية نجاح المركز في عقد دورات تعليمية مستمرة على مدى العامين الماضيين بالرغم من التحديات العديدة في البلاد. كما دعمت مساعدات المملكة المتحدة في إطار هذا البرنامج الفتيان المعرضين لخطر عمالة الأطفال والفتيات المهددات بالزواج المبكر والعنف القائم على نوع الجنس.
بعد لقائه رئيس غرفة التجارة والزراعة والصناعة في طرابلس وشمال لبنان توفيق دبوسي، ترأس الدكتور كولارد جلسة نقاش ضمت أفرادا من منظمات المجتمع المدني، الذين شاركوه قصصهم عن تأثير الاقتصاد والسياسة والأمن على شباب طرابلس. يهدف مشروع المجلس الثقافي البريطاني مع منظمات المجتمع المدني إلى تعزيز مشاركة الشباب من خلال مشاريع اجتماعية وجماعية يقودها شباب على المستويين المجتمعي والشخصي، فيساهمون بالتالي في الاستقرار والأمن.
ثم أطلع قائد منطقة شمال لبنان في قوى الأمن الداخلي العقيد يوسف درويش، السفير كولارد على الوضع الأمني والتحديات في شمال لبنان. وقدم عرضا حول التقدم الذي تم إحرازه في إنشاء مركز القيادة والتحكم في شمال لبنان من خلال برنامج دعم الشرطة البريطانية الذي يموله صندوق الاستقرار والأمن وحل النزاعات البريطاني. سيساهم المركز في توسيع دور قوى الأمن الداخلي في الشمال من أجل تعزيز فعالية تخطيط العمليات ورفع قدرتها على الاستجابة، لما في ذلك تعزيز سلامة المجتمع. وقد بلغ دعم المملكة المتحدة لقوى الأمن الداخلي منذ عام 2011 أكثر من 39 مليون جنيه إسترليني.
كما حضر السفير كولارد رتبة في مدافن الكومنولث في طرابلس ووضع إكليلا من الزهور تكريما لـ 87 جنديا وطيارا جويا من الكومنولث فقدوا حياتهم خلال حملة عام 1941 في سوريا ولبنان. كما قدم التحية للبحارة البريطانيين الـ 358 الذين فقدوا ارواحهم على متن السفينة البحرية الملكية "اتش.ام.اس" فيكتوريا التي غرقت قبالة ساحل طرابلس في العام 1893. الحطام عبارة عن مقبرة حرب محمية ومثوى أخير لعناصر الطاقم الـ352 الذين قضوا في البحر، وتم العثور على ستة جثث دفنوا في المدافن. كما تتضمن هذه المدافن 12 مدفنا لمن هم من الجنسية البولندية واليونانية.
وفي البترون، استضاف السفير كولارد جلسة نقاش مع من مناطق لبنانية مختلفة، كجزء من شراكة المملكة المتحدة مع برنامج الأمم المتحدة للمرأة لدعم رحلة الناشطات وصانعات السلام، بما في ذلك وصولهن العادل إلى معترك العمل السياسي في لبنان.
قال السفير كولارد في نهاية زيارته: "سرني زيارة طرابلس بعد أربعة أشهر فقط من وصولي إلى لبنان. ورغم أن طرابلس تتحمل الكثير من ضغوط الأزمة الاجتماعية والاقتصادية في لبنان، فقد كان مؤثرا مشاهدة كيف تدعم المساعدات البريطانية سكان المدينة والمناطق المجاورة. من أجمل ما يقدمه العمل كدبلوماسي هو الفرصة للتحدث إلى الناس العاديين عن واقع حياتهم. وهكذا استمعت اليوم الى أرباب العمل وعن التحديات التي يواجهونها من أجل الحفاظ على أعمالهم؛ وإلى شباب المدينة وعن همومهم وتطلعاتهم وآمالهم في لبنان أفضل والاحباط والصعوبات التي يواجهونها. هذه أصوات تستحق وبالفعل تحتاج أن يتم الاستماع إليه.
تبقى المملكة المتحدة صديقة لشعب لبنان ولمن هم أكثر ضعفا بمن فيهم اللاجئون. نحن فخورون بالدعم الذي نقدمه في طرابلس ولبنان: سواء كان ذلك على صعيد التعليم أو العمل الإنساني أو الدعم الاقتصادي أو تقوية الأمن. لكن لا يمكن أن تكون هذه الجهود بديلا عن إصلاح سياسي واقتصادي جاد.
تكمن إمكانات هذا البلد الرائعة في شعبه، في عملهم الدؤوب وإبداعهم وطموحهم. ولا يمكن للبنان أن يطلق العنان لعظمته وأن يحقق المستقبل الأفضل لشعبه إلا من خلال تغيير سياسي واقتصادي حقيقي. والمملكة المتحدة ستبقى مستعدة دوما للمساعدة".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك