ترأس رئيس اساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران عصام يوحنا درويش قداسا احتفاليا في كاتدرائية سيدة النجاة، بدعوة من اقليم زحلة في كاريتاس، عاونه فيه النائب الأسقفي العام الأرشمندريت نقولا حكيم والأرشمندريت عبدالله عاصي والأب اليان ابو شعر، في حضور المتروبوليت انطونيوس الصوري، رئيس كاريتاس لبنان الأب ميشال عبود، نائب الرئيس الدكتور نقولا حجار، منسق الأقاليم الأب رولان مراد، المدير التنفيذي جيلبير زوين، رئيس اقليم زحلة فادي سابا واعضاء الإقليم وشبيبة كاريتاس.
بعد الإنجيل المقدس، القى المطران درويش عظة، شكر فيها كاريتاس على تكريمه، وقال: "أتوجه بشكر عميق لرئيس اقليم كاريتاس زحلة فادي سابا وأعضاء الإقليم، على هذه المبادرة الطيبة التي جمعتنا معا حول هذا الهيكل المقدس. وأرحب برئيس كاريتاس الأب ميشال عبود ونائب الرئيس الدكتور نيقولا حجار ومنسق الأقاليم الأب رولان مراد. أحب اقليم زحلة أن نجتمع في قداس وداعي بعد تقاعدي، فالمطران الجديد سيستلم إدارة الأبرشية في 18 كانون الأول المقبل".
اضاف: "لقد ساعدتني تربيتي في بيتي الوالدي وفي دير المخلص وفي كاريتاس - إذ كنت مرشدا لها عندما كنت كاهنا في حوش الأمراء - أن يكون عندي انتباه خاص للفقير والمحتاج، وكانت هذه بركة ونعمة في حياتي. تعلمت أن أحترم الذين يفتشون بكرامة عن لقمة العيش وعن حياة كريمة. لكني تعلمت أيضا أن الفقراء الحقيقيين هم الذين يفتقرون إلى الله. بذلك أعتبر نفسي واحدا منهم لأني في افتقاد دائم لحضور الله في حياتي. كاريتاس هي مدرسة الكنيسة، حيث يتعلم الناس فيها كيف يطبقون المحبة، إن في العمل الرعوي أو في العمل الإنمائي، كما يتعلم الناس فيها أن يكونوا جنبا إلى جنب، خصوصا في الظروف الصعبة كالتي نمر بها".
ورأى أن "كاريتاس هي مدرسة تعلم بالقول والفعل كيف يعيش الإنسان وصية السيد المسيح الأخيرة "هذه وصيتي أن يحب بعضكم بعضا... بهذا يعرف العالم أنكم تلاميذي إذا كنتم تحبون بعضكم بعضا"، لافتا الى ان "عمل المحبة هو عنصر أساسي في رسالة الكنيسة، فلا تبشير ولا أنجلة جديدة من دون محبة، إذ أنها من علامات وجود المسيح في عالمنا. فإيماننا ومحبتنا للناس يتماشيان معا وهما شهادتنا في محيطنا. فالإنجيل الذي نبشر به يجب أن يطال أولا الفقراء والمحتاجين، وهذا هو عمل كاريتاس وعمل كل المؤسسات الخيرية، أن يصل المسؤولون عنها إلى كل محتاج وفقير ومهمل إلى كل بيت يفتقد إلى الحنان والمحبة".
واشار الى ان "المسيحي ملزم بخدمة البشر أجمعين في سبيل بناء الإنسان بروح العدالة والمحبة، وعليه أن يقدم مساهمته في كافة المجالات. وقد وضع يسوع المسيح المبادئ الأولى لهذه الخدمة كما نقرأ في عظة التطويبات، فقد علم أن البشر أن يكونوا كلهم أخوة. ومن بعده عمل الرسل وآباء الكنيسة بوصية المسيح فكانوا يتقاسمون الخيرات ولم يكن بينهم محتاج "وكان لجمهور المؤمنين قلب واحد ونفس واحدة" (أعمال4/32)".
واكد ان "دور الكاريتاسيين العمل من دون كلل، للمساواة بين الناس والى تحقيق العدالة الاجتماعية. فخيرات الأرض هي لجميع الناس وهي خصوصا ملك الفقراء. الكاريتاسيون هم رسل السلام يعملون ليتضامن الناس للدفاع عن كرامة الإنسان. محبة الله تمر عبر محبة الإنسان الآخر. أنت تبرهن عن محبتك لله عندما تحب أخاك الإنسان؛ عندما تشعر بوجوده، عندما تحترم شخصيته، عندما تقبله كما هو بفضائله وعيوبه، عندما تؤمن أن له عليك حقوقا وله الحق بالحياة وبحياة كريمة، عندما تؤمن بأن له الحرية في الرأي والمعتقد، بالتملك للأرض والمال، بالمساواة في المعاملة، وبأن تشركه بما وهب الله لك من خيرات ونعم".
وتابع: "المحبة إذن منبعها عاطفة صادقة من القلب مبنية على معتقد ثابت بان ما يعمل للانسان موجه لله. نعبر عنها بأعمال متنوعة تساهم في تخفيف آلام الإنسان وتأمين حاجاته الحياتية بسخاء والعمل على تنميته في كل الحقول. كثيرون هم الذين يحللون الأوضاع في لبنان ويضعون لها الحلول، نحن نؤمن بأن المسيح هو سلامنا كما قال بولس في رسالة اليوم، ونؤمن بأننا لن نجد السلام الاجتماعي إلا بتحسين أوضاع الناس والمحتاجين والفقراء".
ورحب فادي سابا بالحضور، شاكرا للمطران درويش "مواكبته لمسيرة اقليم زحلة في رابطة كاريتاس ورعايته ودعمه لها من اعوام طويلة، ونطلب من الله ان يكافيه على حسن استثمار الوزنات التي اعطاه اياها"، وقال: "تعلمنا منه الكثير وما نزال لنستمر وننجح على الرغم من الصعوبات الهائلة التي نواجهها، كنا نتعامل مع الفقراء بوجع وشفقة وحزن احيانا حتى سمعنا منه عبارة غيرت كل المفاهيم التقليدية، وهي انه عندما اطلق الفقراء لقب "اسياد المدينة"، تحول عملنا لفرع مكلل بالتواضع واصبحنا خدما لديهم، ورأينا فيهم وجه يسوع المسيح واصبحت عبارة "كل ما فعلتموه لاخوتي هؤلاء فلي قد فعلتموه" ترافق خطواتنا".
اضاف: "تعلمنا من المطران درويش حب التعاون والتنسيق بين الجمعيات وهذا الامر يعني له الكثير ويتابعه في بلقاءاتنا معه، ودائما يسألنا كيف نتعاون مع بعضنا البعض، ويسهر على سلامة هالتعاون ونجاحه. وما وجود الجمعية الخيرية ولجنة المرأة بيننا اليوم الا دليل صحة هذه النظرية وسلامتها. تعلمنا منه حب الفقراء ومشاركتهم اوجاعهم وآلامهم حد الانصهار، عندما رأينا حضوره في مناسباتهم وبينهم كأب يسهر على اولاده، من طاولة يوحنا الرحيم الى الجمعية الخيرية ودار الصداقة وكاريتاس ومطعم المحبة الى مؤسسة فريجي، والمسبحة تطول".
وتوجه الى المطران درويش بالقول: "سيدنا الحبيب كلنا نعلم ان القانون والالتزام به هو مدخل النجاح لكل مؤسسة، حتى الكنيسة، لكن في الكنيسة نضيف على القانون الايمان، واذا كان القانون يحدد سن التقاعد، فنحن في كاريتاس نريد دعمك ووقوفك معنا ومرافقتنا في مسيرتنا لكي نتنور بارشاداتك وتوجيهاتك ونطلب صلواتك".
بدوره، شكر الأب عبود المطران درويش على "خدمته لكاريتاس زحلة والبقاع ورعايته المستمرة لها"، متطرقا الى المصاعب التي تواجه كاريتاس في عملها مع الفقراء "في ظروف استثنائية يمر بها لبنان".
ثم قدم الأب عبود وسابا للمطران درويش درعا تكريمية عربون وفاء وتقدير.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك